للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في تفسير هذه الآية، وهو الذي عليه أهل التحقيق من المفسرين والعلماء الراسخين.

وقال القاضي: ما روي في حديث قتادة- رضي الله تعالى عنه- من وقوعها في قلب النبي صلى الله عليه وسلم عند ما أعجبته، ومحبته طلاق زيد لها لكان فيه أعظم الحرج، وما لا يليق من مد عينيه لما نهى عنه [من زهرة الحياة الدنيا ولكان نفس الخس المذموم الذي لا يرضاه ولا يتسم به الأتقياء فكيف سيد الأنبياء] وقال القشيري: هذا إقدام عظيم من قائله، وقلة معرفة بالنبي صلى الله عليه وسلم وبفضيله، وكيف يقال: رآها وأعجبته وهي بنت عمته، ولم يزل يراها منذ ولدت ولا كان النساء يحتجبن منه- عليه الصلاة والسلام-، وهو الذي زوجها لزيد، وإنما جعل الله طلاق زيد لها وتزويج النبي صلى الله عليه وسلم إياها لإزالة حرمة التبني وإبطال سنة الجاهلية، كما قال الله تعالى: ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ [الأحزاب/ ٤٠] .

وقال تعالى: لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ [الأحزاب/ ٣٧] ثم قال: والأولى ما ذكرناه عن علي بن الحسين وحكاه أبو الليث السمرقندي، وهو قول عطاء، وصححه واستحسنه القاضي أبو بكر القشيري، وعليه قول ابن فورك قال: إنه معنى ذلك عند المحققين من أهل التفسير إلى آخره وذكر القاضي أبو بكر بن العربي نحوه، وإذا علم ما تقرر بطلب المسألة من ذلك لعدم قصور ذلك منه صلى الله عليه وسلم.

[السادسة:]

وبأنه صلى الله عليه وسلم ينعقد نكاحه بغير ولي ولا شهود. قال الأئمة: وإنّما اشتراط الولي والشهود في نكاح غيره ولا بدّ منه، أما الولي فلأن لا يضعها عند غير كفء، وهذا المعنى مأمون من جهته صلى الله عليه وسلم لأنه أكفأ الأكفاء، وأما الشهود فلأجل استثبات الفعل، وحذرا من الجحود ونفي النسب، وكان هذا مأمونا من جهته صلى الله عليه وسلم لأنه معصوم، فلم يحتج إلى ولي ولا شهود، ولأنها لو ذكرت خلاف قوله أو جحدت لم يلتفت إلى قولها لعصمته صلى الله عليه وسلم بل قال العراقي في «شرح المهذب» تكون كافرة بتكذيبه.

[السابعة:]

وبانعقاد نكاحه صلى الله عليه وسلم في الإحرام على الأصح قال الشيخ أبو حامد: وإنما منع غيره من العقد حال الإحرام، لأن فيه دواعي الجماع فربما يفضي بسببه إلى الجماع، فيسقط عنه الإحرام وهذا مأمون من جهته صلى الله عليه وسلم لأنه كان معصوما من ذلك وقادرا على الامتناع منه، ويدل عليه قول عائشة- رضي الله تعالى عنها- أنه كان يقبل وهو صائم، وكان أملككم لإربه فدل على أنه غير ممنوع من العقد وهو محرم، واستدل أئمتنا بحديث ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم، كما رواه الشيخان وللعلماء في ذلك كلام مذكور في المطولات.

[الثامنة:]

وبعدم وجوب القسم عليه بين زوجاته في أحد وجهين وهو قول الاصطخري،