للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحسبه قال: إن الله- تبارك وتعالى- رد عليك حديقتك وقبل صدقتك.

السابع عشر: في بعض فتاويه صلّى الله عليه وسلم في العتق، وما يتعلق به

روى ابن ماجة والبيهقي عن أبي ذر- رضي الله تعالى عنه- قال: قلت: يا رسول الله، أي الرقاب أفضل؟ قال: أنفسها عند أهلها [ (١) ] وأغلاها ثمنا، ولفظ الإمام أحمد والشيخان والنسائي وابن حبان أفضل الأعمال إيمان بالله تعالى، وجهاد في سبيل الله تعالى، قيل: فأي الرقاب أفضل؟ قال: أنفسها عند أهلها وأغلاها ثمنا قيل: فإن لم أجد؟ قال: تعين صانعا أو تصنع لأخرق، قال: فإن لم أستطع؟ قال: كفّ أذاك عن الناس من الشر فإنها صدقة تصدّق بها على نفسك.

قوله أنفسها عند العلماء: النفيس الجيّد من كل شيء المرغوب فيه وحقيقة الشيء الذي يتنافس فيه النّاس. يعين صانعا أي ذو أتباع من فقر أو عيال، والخرق ضد الرفق يقال:

رجل أخرق إذا لم يتقن ما يحاول فعله والصانع بصاد مهملة فنون، وهو المشهور وروى ضائعا بالعجمة أي ذا ضياع من فقر وعيال ونحو ذلك.

وروى الشيخان عن أبي ذر- رضي الله تعالى عنه- قال: قلت: يا رسول الله، أيّ الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله، وجهاد في سبيل الله، قلت: فأيّ الرقاب أفضل؟ قال: أنفسها عند أهلها، وأكثرها ثمنا قال: فإن لم أفعل؟ قال: تعين صانعا، أو تصنع لأخرق، قال: قلت: يا رسول الله أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل، قال: تكفّ أذاك عن الناس.

وروى الإمام أحمد عن البراء- رضي الله تعالى عنه- قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، علمني عملا يدخلني الجنة، فقال: لئن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة، أعتق النّسمة وفكّ الرقبة، قال: يا رسول الله، أو ليستا بواحدة؟

قال: «لا، إن عتق النسمة تفرد بعتقها، وفكّ الرّقبة أن تعين على عتقها» [ (٢) ] .

وروى مسلم عن معاوية بن الحكم السّلمي- رضي الله تعالى عنه- قال: بينا أنا أصلّي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: وثكل أمياه، ما شأنكم تنظرون إليّ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلمّا رأيتهم يصمّتونني، لكنّي سكتّ فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمّي ما رأيت معلّما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فو الله ما نهرني ولا ضربني، ولا شتمني، قال: «إن هذه الصّلاة لا


[ (١) ] أخرجه البخاري ٥/ ١٤٨ (٢٥١٨) ومسلم ١/ ٨٩ (١٣٦/ ٨٤) .
[ (٢) ] أخرجه أحمد ٤/ ٢٩٩ وابن حبان ذكره الهيثمي في الموارد ص ٢٩٤ (١٢٠٠٩) والبيهقي ١٠/ ٢٧٢.