الباب الثالث في بعض مناقب سيدنا العباس- رضي الله تعالى عنه-
وفيه أنواع
[الأول: في مولده واسمه وكنيته وصفته.]
ولد- رضي الله تعالى عنه- قبل الفيل بثلاث سنين، وكان أسن من النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين وقيل بثلاث.
روى ابن أبي عاصم عن أبي رزين والبغوي في معجمه عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- قال: قيل للعباس- رضي الله تعالى عنه-: أيما أكبر؟ أنت أو النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو أكبر مني، وأنا ولدت قبله، وكان- رضي الله تعالى عنه- وسيما أبيض بضّا له خفيرتان، معتدل القامة وقيل: كان طوالا. انتهى.
وروى ابن أبي عاصم وابن عمر عن جابر- رضي الله تعالى عنه- أن الأنصار لما أرادوا أن يكسوا العباس حين أسر يوم بدر، ولم يصلح عليه قميص إلا قميص عبد الله بن أبي فكساه إياه، فلما مات عبد الله بن أبي ألبسه النبي صلى الله عليه وسلّم وتفل عليه من ريقه، قال سفيان: فظني أنه مكافأة للعباس- رضي الله تعالى عنه- وكان- رضي الله تعالى عنه- رئيسا في قريش، وإليه- رضي الله تعالى عنه- عمارة المسجد الحرام، فكان لا يدع أحدا يسبه فيه، ولا يقول فيه هجرا، وكانت قريش قد اجتمعت وتعاقدت على ذلك، فكانوا له عونا وأسلموا ذلك إليه، وكان- رضي الله تعالى عنه- جوادا مطعما، وصولا للرحم ذا رأي حسن ودعوة مرجوة.
الثاني: في شفقته- رضي الله تعالى عنه- على النبي- صلى الله عليه وسلّم- في الجاهلية والإسلام.
[روى مسلم وغيره عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: دخلنا على جابر بن عبد الله.
فسأل عن القوم حتى انتهى إلى. فقلت: أنا محمد بن عليّ بن حسين. فأهوى بيده إلى رأسي فنزع زرّي الأعلى. ثمّ نزع زرّي الأسفل. ثم وضع كفه بين ثدييّ وأنا يومئذ غلام شاب فقال:
مرحبا بك. يا ابن أخي! سل عمّا شئت. فسألته. وهو أعمى. وحضر وقت الصّلاة، فقام في نساجة ملتحفا بها. كلّما وضعها على منكبه رجع طرفاها إليه من صغرها. ورداؤه إلى جنبه على المشجب. فصلّى بنا. فقلت: أخبرني عن حجّة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال بيده. فعقد تسعا فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم مكث تسع سنين لم يحجّ. ثمّ أذن في الناس في العاشرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم حاجّ. فقدم المدينة بشر كثير. كلّهم يلتمس أن يأتمّ برسول الله صلى الله عليه وسلم. ويعمل مثل عمله. فخرجنا معه. حتّى أتينا ذا الحليفة. فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر.