للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب السادس في استسقائه- صلّى الله عليه وسلم- ربه- عز وجل- لأمته حين تأخر عنهم المطر وكذلك استصحاؤه- صلى الله عليه وسلم-

قال ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: ربما ذكرت قول الشاعر وأنا أنظر إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يستسقي فما ينزل حتى يجيش كل ميزاب.

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل

رواه البخاري وابن ماجه وقال أنس أنّ رجلا دخل المسجد يوم جمعة من باب كان وجاه منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله عز وجل أن يغيثنا قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: اللهم أغثنا اللهم أغثنا مرتين قال أنس وأيم الله لا نرى في السماء من سحاب ولا قرحة وما بينا وبين سلع من بيت ولا دار قال فطلعت من ورائه سحابة كأمثال الجبال ثم لم ينزل عن المنبر حتى رأيت الماء يتحادر على لحيته متوالية وما رأيت الشمس صبحا وما زالت تمطر إلى الجمعة المقبلة ثم دخل ذلك الرجل من ذلك الباب ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب واستقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما وقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل ادع الله عز وجل أن يمسكها قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال:

اللهمّ حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والجبال والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر فما جعل يسير إلى ناحية من السحاب إلّا تمزقت حتى صارت المدينة في مثل الجوبة حتى سال الوادي شهرا ولم يجيء أحد إلا حدث بالجود رواه الإمام أحمد والشيخان من طرق.

[قصة أخرى.]

قال أنس: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، لقد أتيناك وما لنا بعير يئط، ولا صبي يصيح وأنشد:

أتيناك والعذراء يدمى لبانها ... وقد شغلت أمّ الصبيّ عن الطّفل

وألقى بكفّيه الصّبيّ استكانة ... من الجوع ضعفا ما يمرّ وما يحلي

ولا شيء ممّا يأكل النّاس عندنا ... سوى الحنظل القاميّ والعلهز الغسل

وليس لنا إلّا إليك فرارنا ... وأين فرار النّاس إلّا إلى الرسل

فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعد المنبر ثم رفع يديه فقال: اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا غدقا طبقا عاجلا غير رائث نافعا غير ضار تملأ به الضّرع وتنبت به الزرع وتحيي به الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون فو الله ما ردّ يديه إلى نحره حتى ألقت السماء بأردافها وجاء أهل