للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الثامن والأربعون في سرية أبي عبيدة بن الجراح رضي اللَّه تعالى عنه يرصد عيرا لقريش عند محمد بن عمر، وابن سعد، أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم أرسله ومن معه لحي من جهينة بالقبلية مما يلي ساحل البحر وتعرف بسريّة الخبط وسرية سيف البحر. قال جمهور أئمة المغازي كانت في رجب سنة ثمان.

روى البخاري من طرق عن جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه تعالى عنهما، ومسلم من طرق أخر عنه، وابن إسحاق عن عبادة بن الصامت رضي اللَّه تعالى عنه قال جابر رضي اللَّه تعالى عنه: «بعثنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في ثلاثمائة راكب، زاد محمد بن عمرو ابن سعد، والقطب من المهاجرين والأنصار فيهم عمر بن الخطاب» [ (١) ] . انتهى.

قال جابر: وأمر علينا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح نرصد عيرا لقريش، وزوّدنا جرابا من تمر لم يجد لنا غيره، فكنا ببعض الطريق، وفي رواية فأقمنا بالساحل نصف شهر ففني الزاد، فأمر أبو عبيدة بأزواد الجيش فجمع فكن مزود تمر، وكان يقوتنا كل يوم قليلا قليلا. وفي رواية فكان يعطينا قبضة قبضة، ثم صار يعطينا تمرة تمرة حتى فني. قيل كيف كنتم تصنعون بها؟ قال: كنّا نمصّها كما يمصّ الصبي [الثدي] ، ثم نشرب عليها الماء فتكفينا يومنا إلى الليل.

وفي رواية وهب بن كيسان قلت لجابر ما تغني عنكم تمرة، قال: لقد وجدنا فقدها حين فنيت. وفي حديث عبادة بن الصامت: فقسمها يوما بيننا فنقصت تمرة عن رجل فوجدنا فقدها ذلك اليوم فأصابنا جوع شديد وكنا نضرب بعصيّنا الخبط ثم نبلّه بالماء. وفي رواية عبادة بن الوليد [ (٢) ] بن عبادة ابن الصامت، رضي اللَّه تعالى عنهما، وكان قوت كل منا في كل يوم تمرة فكان يمصّها ثم يصرّها في ثوبه، وكنا نخبط بقسيّنا ونأكل حتى تقرّحت أشداقنا.

فأقسم أخطأها رجل منا يوما فإن انقلب به تنعشه، فشهدنا له أنه لم يعطها فأعطيها فقام فأخذها، انتهى، زاد محمد بن عمر: حتى أن شدق أحدهم بمنزلة مشفر البعير انتهى. فمكثنا على ذلك أياما، وعند أبي بكر، ومحمد بن الحسن بن علي المقري عن جابر: كنا نأكل الخبط ثلاثة أشهر، انتهى. حتى قال قائلهم لو لقينا عدوا ما كان بنا حركة إليه لما نالنا من الجهد.


[ (١) ] أخرجه البخاري في كتاب المغازي (٦١/ ٤٣) .
[ (٢) ] عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت الأنصاري المدني. عن جده، وأبيه، وأبي أيوب وجابر. وعنه يحيى بن سعيد، وعبيد اللَّه بن عمرو. وثقه أبو زرعة والنسائي. الخلاصة ٢/ ٣٣.