بعدي، ما تركت من بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة.
وروى الإمام أحمد وابن عساكر من طرق ومسلم عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت: ما ترك رسول الله- صلى الله عليه وسلم- دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا شاة ولا بعيرا ولا أوصى بشيء.
وروى البخاري عن ابن عبّاس ومحمد ابن الحنفيّة قال: ما ترك رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلّا ما بين الدّفّتين.
وروى البخاري عن عاصم الأحول قال: رأيت قدح رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عند أنس، وكان قد انصدع فسلسله بفضّة قال: وهو قدح عريض من نضار قال معمر: والنّضار شجر ب «نجد» وقال أنس: لقد سقيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في هذا القدح وكان فيه حلقة من حديد، فأراد أنس أن يجعل مكانها حلقة من فضّة أو ذهب فقال أبو طلحة: لا تغيره كما كان عند رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فتركه.
وروى عن عيسى بن طهمان قال: أخرج إلينا أنس نعلين جرداوين لهما قبالان، قال:
فحدّثني ثابت بعد عن أنس أنهما نعلا رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.
وروى البيهقي عن فاطمة بنت الحسين أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قبض وله بردان في الحقّ يعملان.
وروى أيضا عن سهل بن سعد قال: توفي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وله جبّة صوف في الحياكة.
[تنبيهات]
الأول:
قوله- صلى الله عليه وسلم- لا نورث ما تركنا صدقة.
قال الباجي: أجمع أهل السّنّة على أن هذا حكم جميع الأنبياء- عليهم الصلاة والسلام-.
وقال ابن عليّة: هذا لنبينا- صلى الله عليه وسلم- خاصة.
وقالت الإمامية: إن جميع الأنبياء يورثون وتعلّقوا في ذلك بأنواع من التّخليط لا شبهة فيها مع ورود هذا النّصّ.
قال: وقد أخبرني القاضي أبو جعفر السّمناني أن أبا علي بن شاذان وكان من أهل العلم بهذا الشأن إلا أنه لم يكن قرأ عربية فناظر يوما في هذه المسألة أبا عبد الله بن المعلم، وكان إمام الإمامية، وكان مع ذلك من أهل العلم بالعربية فاستدلّ ابن شاذان على أن الأنبياء لا يورثون بحديث: «إنّا معشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة» نصب على الحال.