الباب الثاني عشر في سرية زيد بن حارثة رضي اللَّه تعالى عنه إلى القردة في أول جمادى الآخرة سنة ثلاث
وهي أول سرية خرج فيه زيد أميرا. وسببها أن قريشا لما كانت وقعة بدر خافوا طريقهم الذي كانوا يسلكونه إلى الشام، فسلكوا طريق العراق. فخرج منهم تجّار فيهم أبو سفيان بن حرب، ومعه فضّة كثيرة، وهي عظم تجارتهم، وخرج صفوان بن أمية بمال كثير نقر فضّة وآنية فضّة وزن ثلاثين ألف درهم، وأرسل معه أبو زمعة ثلاثمائة مثقال ذهب ونقر فضّة، وبعث معه رجال من قريش ببضائع، وخرج معه عبد الله بن أبي ربيعة، وحويطب بن عبد العزى في رجال من قريش. واستأجروا فرات بن حيان. قال ابن إسحاق: من بني بكر بن وائل. وقال محمد بن عمر، وابن سعد، وابن هشام: من بني عجل وزاد ابن هشام حليف لبني سهم.
فخرج بهم على طريق ذات عرق. فبلغ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أمرهم، فأرسل زيد بن حارثة في مائة راكب فاعترضوا لها بالقردة، فأصابوا العير، وأفلت أعيان القوم، وأسروا رجلين أو ثلاثة، وقدموا بالعير على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فخمسّها، فبلغ الخمس قيمة عشرين ألف درهم، وقسّم الباقي على أهل السرية. وكان في الأسارى فرات بن حيان، وكان أسر يوم بدر، فأفلت على قدميه، فكان الناس عليه أحنق شيء. وكان الذي بينه وبين أبي بكر حسنا، فقال له:«أما آن لك أن تقصير؟. قال: «إن أفلتّ من محمد هذه المرّة لم أفلت أبدا» . فقال له أبو بكر رضي اللَّه تعالى عنه:«فأسلم» . فأتى به رسول اللَّه صلى اللَّه عليه فأسلم فتركه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم.
[تنبيهان]
الأول: ذكر ابن إسحاق هذه السرية قبل سرية كعب بن الأشرف، وذكرها محمد بن عمر، وابن سعد، والقطب بعدها.
الثاني: في بيان غريب ما سبق:
حارثة: بالحاء المهملة والثاء المثلثة.
القردة كسجدة بالقاف ويقال بالفاء، ماء من مياه نجد.