وروى ابن سعد وابن عساكر عن طاوس قال: سئل عبد الله بن سلام حين قتل عثمان كيف تجدون صفة عثمان في كتبكم؟ قال: «نجده يوم القيامة أميرا على القاتل والخاذل» .
وروى أبو القاسم البغوي عن سعيد بن عبد العزيز، قال: لما توفي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قيل لذي قربات الحميري وكان من أعلم يهود: يا ذا قربات، من بعده؟ قال: الأمين يعني أبا بكر، قيل: فمن بعده، قال: قرن من حديد يعني: عمر، قيل: فمن بعده قال: الأزهر يعني عثمان، قيل: فمن بعده قال: الوضاح المنصور يعني معاوية.
وروى إسحاق بن راهويه والطبراني عن عبد الله بن مغفل قال: قال لي ابن سلام: لما قتل عليّ هذا رأس الأربعين، وسيكون بعده صلح.
وروى ابن سعد عن أبي صالح- رضي الله تعالى عنه- قال: كان الحادي يحدو بعثمان وهو يقول:
إن الأمير بعده علي ... وفي الزبير خلف موضي
فقال كعب: «بل هو معاوية» فأخبر معاوية بذلك، فقال: يا أبا إسحاق، أنى يكون هذا وها هنا أصحاب محمد- صلى الله عليه وسلم- علي والزبير، قال: أنت صاحبها.
وروى الطبراني، والبيهقي عن محمد بن يزيد الثقفي قال: اصطحب قيس بن حرشة وكعب الأحبار حتى إذا بلغا صفين وقف كعب، ثم نظر ساعة، ثم قال: ليهراقن بهذه البقعة من دماء المسلمين شيء لا يهراق ببقعة من الأرض مثله.
فقال قيس: ما يدريك فإن هذا من الغيب الذي استأثر الله به، فقال كعب: «ما من الأرض شبر إلا مكتوب في التوراة الذي انزل الله على موسى ما يكون عليه وما يخرج منه إلى يوم القيامة» .
[الخامس: في وفاته ومن قتله وشيء من آثاره وما فتح في زمنه.]
توفي والنبي- صلى الله عليه وسلّم- راض عنه وأبو بكر وعمر- رضي الله تعالى عنهم- وقتل شهيدا يوم الجمعة لثمان خلون من ذي الحجة، وقيل: لثماني عشرة خلت منه بعد العصر، ودفن بالبقيع سنة خمس وثلاثين، وقيل: يوم الأربعاء، وهو ابن تسعين سنة، وقيل: ثمان وثمانين، وهو الصحيح.
وقيل: وعشرين، وصلّى عليه جبير بن مطعم ودفن ليلا بالبقيع، وأخفى قبره ذلك الوقت، وإنّما دفن ليلا للعجز عن إظهار دفنه، لغلبة قاتليه، وقيل: لم يصل عليه، ودفن بثيابه في دمائه ولم يغسّل وقيل: حكيم بن حزام، وقيل: المسور بن مخرمة، وقيل: مروان ونائلة وأم البنين زوجتاه وهما اللّتان دلّلتاه، في حفرته على الرجال الذين نزلوا في قبره، ولحدّوا له، وغيّبوا