وروى محمد بن عمر الأسلمي عن يزيد بن رومان، وأبو نعيم عن أبي يزيد المدني، وأبى فرعة الباهليّ، إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلّم بينما هو جالس في المسجد معه رجال من أصحابه إذ أقبل رجل من زبيد يقول: يا معشر قريش كيف تدخل عليكم المادّة أو يجلب إليكم جلب أو يحلّ تاجر بساحتكم وأنتم تظلمون من دخل عليكم في حرمكم؟ يقف على الحلق حلقة حلقة، حتى انتهى إلي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في أصحابه. فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ومن ظلمك؟
فذكر أنه قد قدم بثلاثة أجمال كانت خير إبله فسامه أبو جهل ثلث أثمانها، ثم لم يسمعه بها لأجل أبي جهل أحد شيئاً ثم قال: فأكسد عليّ سلعتي وظلمني.
قال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلّم: وأين جمالك؟ قال هي هذه بالحزورة. فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلّم وقام أصحابه فنظر إلى الجمال فرأى جمالا فرها فساوم الزّبيدي حتى ألحقه برضاه، فأخذها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فباع جملين منها بالثمن وأفضل بعيرا باعه وأعطى أرامل بني عبد المطلب ثمنه، وأبو جهل جالس في ناحية السوق لا يتكلم ثم أقبل إليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: يا عمرو إياك أن تعود لمثل ما صنعت بهذا الأعرابي فترى مني ما تكره فجعل يقول: لا أعود يا محمد لا أعود يا محمد فانصرف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
وأقبل أمية بن خلف ومن حضر فقالوا: ذللت في يدي محمد فإما أن تكون تريد أن تتبعه وإما رعب دخلك منه. فقال: لا أتبعه أبداً إن الذي رأيت مني لما رأيت معه، قد رأيت رجالا عن يمينه وشماله معهم رماح يشرعونها إليّ لو خالفته لكانت إياها. أي لأتوا على نفسي.
[تفسير الغريب]
زبيد: بزاي مضمومة فباء موحدة مفتوحة.
المادّة: بتشديد الدال.
أو يحل: بضم الحاء أي ينزل.
خير إبله: بتشديد المثناة التحتية وتخفيفها أي أفضلها.
الحزورة: بحاء مهملة مفتوحة فزاي ساكنة فواو فراء مفتوحتين فتاء تأنيث وزن قسورة وتقدم الكلام على ذلك بأبسط مما هنا.