[الباب الثاني والثمانون في وفود بني كنانة إليه صلى الله عليه وسلم]
روى ابن سعد في الطبقات عن خالد الحذّاء عن أبي قلابة، في رجال آخرين من أهل العلم يزيد بعضهم على بعض فيما ذكروا من وفود العرب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: وفد واثلة بن الأسقع الليثي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدم المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم، يتجهّز إلى تبوك فصلّى معه الصبح، فقال له:«ما أنت وما جاء بك وما حاجتك؟» فأخبره عن نسبه وقال:
أتيتك لأؤمن بالله ورسوله، قال:«فبايع على ما أحببت وكرهت» ، فبايعه ورجع إلى أهله فأخبرهم، فقال له أبوه: والله لا أكلمك كلمة أبدا، وسمعت أخته كلامه فأسلمت وجهزته، فخرج راجعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجده قد صار إلى تبوك، فقال: من يحملني عقبه وله سهمي؟ فحمله كعب بن عجرة حتى لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد معه تبوك، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع خالد بن الوليد إلى أكيدر، فغنم فجاء بسهمه إلى كعب بن عجرة، فأبى أن يقبله وسوّغه إيّاه وقال: إنما حملتك لله.
الباب الثالث والثمانون في وفود كندة إليه صلّى الله عليه وسلم منهم الأشعث بن قيس.
قال في زاد المعاد: قال ابن إسحاق: حدثني الزّهري قال: قدم الأشعث بن قيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمانين أو ستين راكبا من كندة، فدخلوا عليه مسجده، قد رجّلوا جممهم واكتحلوا ولبسوا جباب الحبرات مكثّفة بالحرير. فلما دخلوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أو لم تسلموا؟» قالوا: بلى. قال:«فما هذا الحرير في أعناقكم؟» فشقّوه ونزعوه وألقوه. ثم قال الأشعث بن قيس: يا رسول الله، نحن بنو آكل المرار وأنت ابن آكل المرار. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال:«ناسب بهذا النّسب ربيعة بن الحارث، والعباس بن عبد المطلب» .
قال الزهري وابن إسحاق: كانا تاجرين، وكانا إذا سارا في أرض العرب فسئلا: من أنتما؟ قالا:
نحن بنو آكل المرار، يتعزّزان بذلك في العرب ويدفعان به عن نفسيهما لأن بني آكل المرار من كندة كانوا ملوكا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا، بل نحن بنو النضر بن كنانة لا نقفوا أمنا ولا ننتفي من أبينا» .
وفي المسند من حديث حماد بن سلمة، عن عقيل بن طلحة، عن مسلم بن مسلم عن الأشعث بن قيس قال: قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد كندة ولا يرون إلا أنّي أفضلهم، قلت: يا رسول الله، ألستم منّا؟ قال:«لا، نحن بنو النضر بن كنانة لا نقفوا أمنا ولا ننتفي من أبينا» .
فكان الأشعث يقول: لا أوتى برجل نفى رجلاً من قريش من النضر بن كنانة