[الباب الحادي عشر في عصمته صلى الله عليه وسلم ممن أراد الفتك به]
روى ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل منزلا اختار له أصحابه شجرة ظليلة فيقيل تحتها، فأتاه أعرابي فاخترط سيفه، ثم قال:
من يمنعك مني؟ قال:«الله» ، فرعدت يد الأعرابي، وسقط السيف منه، وضرب برأسه الشجرة حتى انتثر دماغه، فأنزل الله تعالى: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [المائدة ٦٧]
وروى ابن حبان وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا إذا صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر تركنا له أعظم شجرة وأظلها فينزل تحتها، فنزل ذات يوم تحت شجرة وعلق سيفه فيها، فجاء رجل فأخذه فقال: يا محمد، من يمنعك مني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«الله يمنعني منك، ضع السيف» فوضعه، فنزلت: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [المائدة ٦٧] ،
وروى ابن أبي شيبة وابن جرير عن الحسن البصري رضي الله عنه قال: جعل للرجل أواق على أن يقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطلعه الله على ذلك فأمر به فصلب، وكان أول من صلب معه في الإسلام، وروى ابن أبي شيبة عنه قال: أول رجل صلب في الإسلام رجل من بني ليث جعلت له قريش أواقي على أن يقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه جبريل فأخبره، فبعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم فصلب،
وروى ابن جرير رضي الله عنه أن رهطا من قريش جلسوا في الحجر بعد بدر، فقالوا: قبح الله العيش بعد موت آبائنا ببدر، ليتنا أصبنا رجلا يقتل محمدا، وجعلنا له جعلا فقال رجل: أنا والله جريء الصدر، جواد الشد جيد الحديد، أقتله، فجعل له أربعة رهط، كل رهط منهم أوقية من ذهب، فخرج حتى قدم المدينة فنزل على رجل من قومه مسلم، فقال له: ما جاء بك قال: أسلمت، فجئت، قال: فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ما في نفسه، فبعث إلى الرجل الذي نزل عليه، ينظر ضيفه فيشده وثاقا، ثم ابعث به إلي قال: فجعل الرجل ينادي حين خرجوا به هكذا تفعلون بمن يتبعكم، هكذا تفعلون بمن اختار دينكم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:«أصدقني» حتى ظن الناس أنه لو صدقه خلى عنه، قال: ما جئت إلا لأسلم، قال:«كذبت» ، ثم قص الرسول صلى الله عليه وسلم قصته في قصة القوم، فقال ما كان ذلك فأمر به فصلب على ذباب، فإنه لأول مصلوب.
[الباب الثاني عشر في عصمته صلى الله عليه وسلم من شيبة بن عثمان قبل إسلامه]
روى البيهقي عن أبو نعيم عن عكرمة قال: قال عثمان بن شيبة لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا فذكرت أبي وعمي، وقتل علي وحمزة إياهما فقلت: اليوم أدرك ثأري من محمد، فجئته