المدينة جاء إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو يريد غزو مكة فكلمه أن يزيد في هدنة الحديبية فلم يقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقام ودخل على ابنته أم حبيبة فلما ذهب ليجلس على فراش النبي- صلى الله عليه وسلّم طوته دونه فقال: يا بنية أرغبت بهذا الفراش عني أم بي عنه، فقالت: بل هو فراش رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأنت امرؤ نجس مشرك. فقال: يا بنية لقد أصابك بعدي شر.
الرابع: فيما نزل بسبب زواج أم حبيبة- رضي الله تعالى عنها- من القرآن.
روى أبو عمر وابن الجوزيّ [....] قال أبو بكر بن أبي خيثمة: توفّيت أمّ حبيبة قبل موت معاوية بسنة، سنة أربع وأربعين، ويقال: سنة اثنتين وأربعين، وقيل: سنة خمس وخمسين، قال البلاذري: والأول أثبت.
[تنبيهات:]
الأوّل: اختلف فيمن زوّجها فروي عن سعيد بن العاص، وروي عن عثمان بن عفان وليس بصواب، لأنّ عثمان كان مقدمه من الحبشة قبل وقعة بدر، وهي ابنة عمّته، وقال البيهقيّ: إنّ الذي زوّجها خالد بن سعيد بن العاص- رضي الله تعالى عنه- وهو ابن عمّ أبيها، لأن العاص بن أميّة عم أبي سفيان بن حرب بن أمية، وروى النجاشيّ ويحتمل أن يكون النجاشي هو الخاطب، والعاقد إما عثمان أو خالد بن سعيد بن العاص على ما تضمّنه الحديث السّابق، وقيل: عقد عليها النجاشي وكان قد أسلم، وقيل: إنّما تزوّجها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عند مرجعها من الحبشة، والأوّل أثبت من ذلك كله.
وروي أن رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- بعث عمر بن أمية الضمري إلى النّجاشي ليخطبها عليه فزوّجه إيّاها، وأصدقها أربعمائة دينار، وبعث بها مع شرحبيل ابن حسنة- رضي الله تعالى عنه- فجاءه- صلى الله عليه وسلّم- بها، فيحتمل أنه- صلى الله عليه وسلم بعث عمرا للخطبة، وشرحبيل لحملها إليه، وكان ذلك في سنة سبع من الهجرة، وكان أبوها حال نكاحها بمكة مشركا محاربا لرسول الله- صلى الله عليه وسلم.
الثاني: روى ابن حبان عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت: هاجر عبيد الله بن جحش بأمّ حبيبة بنت أبي سفيان وهي امرأته إلى أرض الحبشة، فلما قدم أرض الحبشة مرض، فلمّا حضرته الوفاة أوصى إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلّم-، فتزوّج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أمّ حبيبة،