للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعطاك بعد محبّة برهانه ... شرفا وبرهان الإله عظيم

ولقد شهدت بأنّ دينك صادق ... حقّ وأنّك في العباد جسيم

والله يشهد أنّ أحمد مصطفى ... مستقبل في الصّالحين كريم

قرم علا بنيانه من هاشم ... فرع تمكّن في الذّرى وأروم

ذكر إسلام عكرمة- رضي الله عنه- ابن أبي جهل

روى محمد بن عمر عن شيوخه- رحمه الله تعالى- وإيّاهم: أن عكرمة- رضي الله عنه- قال: بلغني أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- نذر دمي يوم الفتح، وكنت في جمع من قريش بأسفل مكّة- وقد ضوى إليّ من ضوى- فلقينا هناك خالد بن الوليد، فأوقع بنا، فهربت منه أريد والله- أن ألقي نفسي في البحر، وأموت تائها في البلاد قبل أن أدخل في الإسلام، فخرجت حتى انتهيت إلى الشّعيبة، وكانت زوجتي أمّ حكيم بنت الحارث امرأة لها عقل، وكانت قد اتّبعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فدخلت على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله، أن ابن عمّي قد هرب يلقي نفسه في البحر فأمنه.

وروى ابن أبي شيبة وأبو داود، والنسائيّ عن سعد بن أبي وقاص- رضي الله تعالى عنه، والبيهقي عن عروة- رحمه الله تعالى: أنّ عكرمة ركب البحر فأصابتهم ريح عاصف، فنادى عكرمة اللّات والعزّى، فقال أهل السّفينة: أخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئا، فقال عكرمة: والله لئن لم ينجني من البحر إلّا الإخلاص لا ينجيني في البرّ غيره، اللهم لك عهدا إن أنت عافيتني مما أنا فيه أن آت محمّدا حتّى أضع يدي في يده، فلأجدنّه عفوّا غفورا كريما، فجاء وأسلم [ (١) ] .

وروى البيهقي عن الزهري، ومحمد بن عمر عن شيوخه: أن أم حكيم امرأة عكرمة بن أبي جهل قالت لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- يا رسول الله: قد ذهب عكرمة عنك إلى اليمن، وخاف أن تقتله، فأمنه يا رسول الله، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- «هو آمن»

فخرجت أمّ حكيم في طلبه، ومعها غلام لها روميّ، فراودها عن نفسها فجعلت تمنيه حتى قدمت به على حيّ من عكّ فاستعانتهم عليه، فأوثقوه رباطا، وأدركت عكرمة وقد انتهى إلى البحر، فركب سفينة، فجعل نوتيّ يقول له: أخلص أخلص، قال: أي شيء أقول؟ قال: قل لا إله إلا الله، قال عكرمة: ما هربت إلا من هذا، وإن هذا أمر تعرفه العرب والعجم حتّى النّواتي! ما الدّين إلّا ما جاء به محمد، وغيّر الله قلبي، وجاءتني أمّ حكيم على هذا الأمر، فجعلت تليح إليّ وتقول: يا ابن


[ (١) ] ابن سعد ٣/ ٢٦١.