يشهدوا الحديبية فلم ينحروا، فأمّا من شهدها وخرج في القضيّة فإنهم اشتركوا في الهدي. وأمر رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- مائتين من أصحابه حين طافوا بالبيت وسعوا أن يذهبوا إلى أصحابه ببطن يأجج فيقيمون على السّلاح، ويأتي الآخرون فيقضوا نسكهم ففعلوا.
ذكر خروجه- صلى الله عليه وسلّم- من مكة
روى محمد بن عمر عن عمر بن علي بن أبي طالب- رحمه الله تعالى- قال: لما كان عند الظهر يوم الرابع أتى سهيل بن عمرو، وحويطب بن عبد العزى- وأسلما بعد ذلك قال ابن إسحاق: وكانت قريش قد وكّلت حويطب بإخراج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأتياه وهو في مجلس من الأنصار يتحدث مع سعد بن عبادة، فقالا: قد انقضى أجلك، فاخرج عنا، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «وما عليكم لو تركتموني فأعرست بين أظهركم فصنعت طعاما؟!» فقالا: لا حاجة لنا في طعامك اخرج عنّا، ننشدك الله يا محمد، والعقد الذي بيننا وبينك إلّا خرجت من أرضنا، فهذه الثلاثة قد مضت
[ (١) ] .
وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- لم ينزل بيتا، إنّما ضربت له قبّة من أديم بالأبطح، فكان هناك حتى خرج منها، ولم يدخل تحت سقف بيت من بيوتها، فغضب سعد بن عبادة- رضي الله عنه- لما رأى من غلظة كلامهم للنبي- صلى الله عليه وسلم- فقال لسهيل بن عمرو: كذبت لا أم لك ليست بأرضك ولا أرض أبيك، والله لا يخرج منها إلّا طائعا راضيا، فتبسم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وقال يا سعد: لا تؤذ قوما زارونا في رحالنا، وأسكت الرجلان عن سعد.
وفي الصحيح عن البراء بن عازب- رضي الله عنهما- أن الأجل لما مضى أتى المشركون عليا- رضي الله عنه- فقالوا: قل لصاحبك: اخرج عنّا فقد مضى الأجل، فذكر ذلك علي- رضي الله عنه- لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأمر رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- أبا رافع- بالرحيل، وقال: لا يمسين بها أحد من المسلمين» وركب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حتى نزل بسرف، وتتامّ الناس، وخلّف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أبا رافع ليحمل إليه زوجته ميمونة حين يمسي، فأقام أبو رافع حتّى أمسى، فخرج بميمونة ومن معها، ولقيت من سفهاء مكة عناء،
وسيأتي الكلام على دخول رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بها في ترجمتها.
ذكر خروج ابنة حمزة- رضي الله عنها
روى الشيخان عن البراء بن عازب، والإمام أحمد عن علي، ومحمد بن عمر عن ابن عباس- رضي الله عنهم- قال ابن عباس: أن عمارة بنت حمزة بن عبد المطلب، وقيل اسمها