للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النضر إنّي لأجد ريحها من دون أحد. ثم تقدّم فقاتل حتى قتل، فوجدوا في جسده بضعا وثمانين ضربة من بين ضربة بسيف، وطعنة برمح، ورمية بسهم: قال أنس: ووجدناه قد مثّل به المشركون فما عرفه أحد منّا إلّا أخته بشامة أو ببنانه، فكنّا نرى أو نظن أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه: رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ [الأحزاب ٢٣] الآية.

[ذكر مقتل حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء رضي الله عنه]

روى ابن أبي عاصم عن عبد الله بن السائب إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوم أحد آخر أصحابه، ولم يكن بينه وبين العدوّ غير حمزة يقاتل العدوّ، فرصده وحشيّ فقتله، وقد قتل الله تعالى بيد حمزة من الكفّار أحدا وثلاثين، وكان يدعى: «أسد الله» .

قال ابن إسحاق: وقاتل حمزة بن عبد المطلب حتى قتل أرطاة بن عبد شرحبيل بن هاشم، وكان أحد النّفر الذين يحملون اللواء، وكذلك قتل عثمان بن أبي طلحة وهو حامل اللواء وهو يقول:

إن على أهل الّلواء حقّا ... أن يخضبوا الصّعدة أو تندقّا

فحمل عليه حمزة فقتله. قال: وحشيّ كما رواه ابن إسحاق والطيالسيّ والبخاريّ وابن عائد عنه، وابن أبي شيبة عن عمر وابن إسحاق قال وحشيّ: أن حمزة قتل طعيمة بن عديّ ببدر، فلما سارت قريش إلى أحد قال لي مولاي جبير بن مطعم- وأسلم بعد ذلك-: إن أنت قتلت حمزة عمّ محمد بعميّ فأنت حرّ، فلما خرج الناس عام عينين- وعينين: جبل بجبال أحد بينه وبينه واد- فخرجت مع الناس إلى القتال، وكنت رجلا حبشيا أقذف بالحربة قذف الحبشة، قلّ أن أخطئ بها شيئا، فلما التقي الناس خرجت أنظر حمزة وأتبصّره حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورق، يهدّ الناس بسيفه هدّا، ما يقوم له شيء- وفي لفظ: ما يليق شيئا، وفي لفظ: ما وقع له أحد إلا قمعه بالسيف، وفي لفظ: رأيت رجلا لا يرجع حتى يهزمنا- فقلت: من هذا؟ قالوا: حمزة. قلت: هذا صاحبي، فو الله إني لأتهيأ له أريد منه ما أريد وأتستّر منه بشجرة أو بحجر ليدنو مني إذ تقدّمني إليه سباع- بكسر المهملة وتخفيف الموحدة- ابن عبد العزى الغبشاني- بضم الغين وإسكان الموحدة وبالشين المعجمة- فلما رآه حمزة قال: هلّم إليّ يا بن مقطّعة البظور- وكانت أمّه ختّانة بمكة- أتحادّ الله ورسوله صلّى الله عليه وسلم؟! ثم شدّ عليه فكان كأمس الذاهب- وفي لفظ: فضربه ضربة فكأنّما أخطأ رأسه- وأكبّ عليه ليأخذ درعه، وكمنت لحمزة تحت صخرة، فلمّا دنا مني- قال عمير بن إسحاق: فعثر حمزة فانكشف الدرع عن بطنه، فأبصره العبد الحبشي فرماه بالحربة. انتهى.

قال وحشيّ- كما عند الطيالسيّ-: جعلت ألوذ من حمزة بشجرة ومعي حربتي، حتى إذا