[جماع أبواب معجزاته صلى الله عليه وسلم في إحياء الموتى وإبراء المرضى]
[الباب الأول في معجزاته صلى الله عليه وسلم في إحياء الموتى وسماع كلامهم]
روى ابن أبي الدنيا وأبو نعيم والبيهقي عن أنس رضي الله عنه قال: كنا في الصفة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتته عجوز عمياء مهاجرة ومعها ابن لها قد بلغ فلم يلبث أن أصابه وباء المدينة فمرض أياما ثم قبض فغمضه النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بجهازه، فلما أردنا أن نغسله، قال:«يا أنس، ائت أمه فأعلمها» ، قال: فأعلمتها فجاءت حتى جلست عند قدميه، فأخذت بهما، ثم قالت: اللهم، إني أسلمت لك طوعا وخلعت الأوثان زهدا وهاجرت إليك رغبة، اللهم لا تشمت بي عبدة الأوثان، ولا تحملني من هذه المصيبة ما لا طاقة لي بحملها، قال: فو الله ما انقضى كلامها حتى حرك قدميه وألقى الثوب عن وجهه، وطعم وطعمنا معه، وعاش حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم حتى هلكت أمه
[ (١) ] وفي لفظ عند البيهقي، قال: عدنا شابا من الأنصار وعنده أم له عجوز، فما برحنا أن فاض يعني مات ومددنا على وجهه الثوب، وقلنا لأمه: يا هذه، احتسبي مصابك عند الله، قالت: أمات ابني؟ قلنا: نعم، قالت: اللهم إن كنت تعلم أني هاجرت إليك، وإلى نبيك رجاء أن تعينني عند كل شدة، فلا تحمل علي هذه المصيبة اليوم، قال أنس: فو الله، ما برحت حتى كشف الثوب عن وجهه وطعم وطعمنا معه.
وروى أبو نعيم ثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ثنا عبد الرحمن بن محمد بن حماد ثنا أبو برة محمد بن أبي هاشم مولى بني هاشم ثنا أبو كعب البداح بن سهل الأنصاري عن أبيه ثنا عن عبد الرحمن عن أبيه عبد الرحمن بن كعب عن أبيه كعب بن مالك قال: أتى جابر بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى وجهه متغيرا فرجع إلى امرأته، فقال: قد رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم متغيرا وما أحسب إلا متغيرا من الجوع، فذكر الحديث السابق في باب تكثيره صلى الله عليه وسلم الأطعمة وزاد فقال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كلوا ولا تكسروا عظما» ثم جمع العظام في وسط الجفنة فوضع يده عليها ثم تكلم بكلام لم أسمعه فإذا الشاة قد قامت تنفض أذنيها، فقال:«خذ شاتك يا جابر بارك الله لك» ، قال: فأخذتها ومضيت، وإنها لتنازعني أذنها حتى أتيت المنزل فقالت المرأة: ما هذا يا جابر، فقلت: والله، هذه شاتنا التي ذبحناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم دعا الله تعالى فأحياها لنا، فقالت: أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[ (١) ] أخرجه البيهقي في الدلائل ٦/ ٥٢ وابن كثير في البداية ٦/ ٢٩٣.