[الباب السادس والخمسون في وفود صداء إليه صلى الله عليه وسلم]
روى البغوي والبيهقي وابن عساكر وحسّنه عن زياد بن الحارث الصدائي رضي الله تعالى عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته على الإسلام فأخبرت أنه قد بعث جيشا إلى قومي.
قال ابن سعد رحمه الله تعالى: «لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة سنة ثمان بعث قيس بن سعد بن عبادة إلى ناحية اليمن وأمره أن يطأ صداء، فعسكر بناحية قناة في أربعمائة من المسلمين» انتهى.
قال زياد بن الحارث الصدائي فقلت: يا رسول الله قد جئتك وافدا على من ورائي فارد الجيش وأنا لك بإسلامي قومي وطاعتهم. فقال لي: «اذهب فردّهم» .
فقلت:
يا رسول الله إن راحلتي قد كلّت. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فردّهم من صدر قناة قال زياد:
وكتب إلى قومي كتابا فقدم وفدهم بإسلامهم. وعند ابن سعد: فقدم منهم بعد ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة عشر رجلا منهم. فقال سعد بن عبادة: يا رسول الله دعهم ينزلوا عليّ فنزلوا عليه فحباهم وأكرمهم وكساهم ثم راح بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلموا وبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على من وراءهم من قومهم انتهى.
قال زياد: فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أخا صداء إنك لمطاع في قومك» . قال:
فقلت: بل الله هداهم للإسلام. فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفلا أؤمّرك عليهم؟» فقلت: بلى يا رسول الله. فكتب لي كتابا أمّرني فيه. فقلت: يا رسول الله مر لي بشيء من صدقاتهم. قال:
«نعم» فكتب لي كتابا آخر. قال زياد: وكان ذلك في بعض أسفاره. ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلا فأتاه أهل ذلك المنزل يشكون عاملهم ويقولون: أخذنا بكل شيء بيننا وبين قومه في الجاهلية.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أفعل ذلك؟» قالوا: نعم. فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وأنا فيهم فقال: «لا خير في الإمارة لرجل مؤمن» .
قال زياد: فدخل قوله في قلبي. ثم أتاه آخر فقال: يا رسول الله أعطني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يسأل الناس عن غنى فصداع في الرأس وداء في البطن» . فقال السائل:
اعطني من الصدقة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل لم يرض فيها بحكم نبيّ ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها فجزّأها ثمانية أجزاء فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك وإن كنت غنيّا عنها فإنما هي صداع في الرأس وداء في البطن» .