للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الحادي والخمسون في بعث أسامة بن زيد رضي اللَّه تعالى عنهما إلى الحرقات

روى الإمام أحمد، وابن أبي شيبة، والشيخان، وأبو داود، والنّسائي عن أسامة بن زيد رضي اللَّه تعالى عنهما، وابن جرير عن السدي، وابن سعد عن جعفر بن برقان الحضرمي رجل من أهل اليمامة قال أسامة رضي اللَّه تعالى عنه: بعثنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إلى الحرقة من جهينة.

قال: فصبّحناهم، وكان رجل منهم- قال السّدّي- يدعى مرداس بن نهيك، انتهى، إذا أقبل القوم كان من أشدهم علينا وإذا أوبروا كان حاميتهم، فهزمناهم، فغشيته أنا ورجل من الأنصار. وقال السّدي. وكان مع مرداس غنيمة له وجمل أحمر، فلما رآهم آوى إلى كهف جبل وتبعه أسامة.

فلما بلغ مرداس الكهف وضع غنمه. ثم أقبل إليهم. قال أسامة: فلما غشينا- قال السّدّي- قال: السلام عليكم. قال أسامة في رواية: فرفعت عليه السيف. فقال: لا إله إلا اللَّه- زاد السّدي- محمد رسول اللَّه. قال أسامة: فكفّ الأنصاري وطعنته برمحي حتى قتلته، أي رفع عليه السيف فلما لم يتمكن منه طعنه بالرمح. قال السّدّي: فشدّ عليه أسامة من أجل جمله وغنيمته. قال أسامة: فلما قدمنا بلغ ذلك رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم. وفي رواية: فوقع في نفسي من ذلك. وعند محمد بن عمر: قال أسامة: فلما أصبت الرجل وجدت في نفسي من ذلك موجدة شديدة حتى رأيتني ما أقدر على أكل الطعام حتى قدمت على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقبّلني واعتنقني. وقال السّدي: وكان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إذا بعث أسامة أحب أن يثني عليه خيرا ويسأل عنه أصحابه. فلما رجعوا لم يسألهم عنه، فجعل القوم يحدّثون رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ويقولون: «يا رسول اللَّه لو رأيت أسامة، ولقيه رجل فقال الرجل لا إله إلا اللَّه فشدّ عليه وقتله» . وهو يعرض عنهم.

فلما أكثروا عليه رفع رأسه إلى أسامة وقال: «يا أسامة أقتلته بعد أن قال لا إله إلا اللَّه؟»

وفي رواية: «فكيف تصنع بلا إله إلا اللَّه؟»

قال السّدّي: «كيف أنت ولا إله إلا اللَّه؟» قال أسامة: قلت يا رسول اللَّه إنما قالها خوفا من السلاح.

وفي رواية: إنما كان متعوّذا من القتل.

قال: «أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم؟»

قال السّدّي: فنظرت إليه [ (١) ] ،

وعن ابن سعد: «فتعلم أصادق هو أم كاذب؟»

وعن ابن إسحاق: «فو الذي بعثه بالحق ما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت إلا يومئذ»

وفي رواية «حتى تمنيت أني لم أسلم قبل ذلك اليوم»

وعن ابن إسحاق «وإني لم أقتله» وعن ابن سعد قال أسامة: «لا أقاتل أحدا يشهد أن لا إله إلا اللَّه»

وعن ابن إسحاق قلت: انظرني يا رسول اللَّه إني أعاهد اللَّه أن لا أقتل رجلا يقول لا إله إلا اللَّه.

قال: «تقول بعدي يا أسامة» . قال قلت: بعدك.

قال السّدّي: فأنزل اللَّه تعالى خبر هذا وأخبر


[ (١) ] أخرجه البخاري ٥/ ١٨٣ ومسلم في كتاب الإيمان (١٥٩) وانظر البداية والنهاية ٤/ ٢٢٢.