وذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما كانوا يقسمون لصنمهم هذا من أنعامهم وحروثهم وأنهم كانوا يجعلون من ذلك جزءا له وجزءا لله بزعمهم.
قالوا: كنا نزرع الزّرع فنجعل له وسطه، فنسمّيه له، ونسمّي زرعا أخر حجرة لله، فإذا مالت الريح فالذي سميناه لله جعلناه لعمّ أنس، وإذا مالت الريح فالذي سميناه لعم أنس جعلناه لله. فذكر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل قد أنزل عليه في ذلك: وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ [الأنعام ١٣٦] .
قالوا: وكنّا نتحاكم إليه فنكلّم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تلك الشياطين تكلّمكم» . قالوا:
إنا أصبحنا يا رسول الله وقلوبنا تعرف أنه كان لا يضرّ ولا ينفع، ولا يدري من عبده ممّن لم يعبده. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحمد لله الذي هداكم وأكرمكم بمحمد صلى الله عليه وسلم» . وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء من أمر دينهم، فجعل يخبرهم بها وأمر من يعلّمهم القرآن والسّنن، وأمرهم بالوفاء بالعهد وأداء الأمانة وحسن الجوار وألّا يظلموا أحدا. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«الظّلم ظلمات يوم القيامة [ (١) ] » .
وأنزلوا دار رملة بنت الحدث، وأمر بضيافة، فأجريت عليهم، ثم جاءوا بعد أيّام يودّعونه، فأمر لهم بجوائز باثنتي عشرة أوقية ونشّا، ورجعوا إلى قومهم فلم يحلّوا عقدة حتى هدموا عمّ أنس وحرّموا ما حرّم عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحلّوا ما أحلّ لهم.
[تنبيه: في بيان غريب ما سبق:.]
خولان: بفتح الخاء المعجمة وسكون الواو.
من وراءنا: بفتح الميم.
آباط الإبل: بهمزة مفتوحة فألف فموحدة فألف فطاء مهملة: جمع إبط.
الحزون: بضم الحاء المهملة والزاي جمع حزن بفتح الحاء وسكون الزاي: ما غلظ من الأرض.
الخطوة: بضم الخاء المعجمة وفتحها، فبالأول ما بين القدمين- وجمع القلّة خطوات والكثرة خطاء- وبالثاني المرّة الواحدة.
الجواز: بكسر الجيم وضمها: الذّمام والعهد والتأمين.
[ (١) ] أخرجه البخاري ٣/ ١٦٩ والترمذي (٢٠٣٠) وأحمد في المسند ٢/ ١٣٧ والبيهقي ٦/ ٩٣.