[ذكر اختلاف الصحابة رضي الله عنهم فيما يفعل بالأسرى]
روى الإمام أحمد عن أنس، وابن مردويه عن أبي هريرة، وابن أبي شيبة، والإمام أحمد، والترمذي وحسنه، وابن المنذر، والطبراني، وغيرهم، عن ابن مسعود. وابن مردويه، عن ابن عباس. وابن المنذر، وأبو الشيخ، وابن مردويه، وأبو نعيم، عن ابن عمر: أنه لما كان يوم بدر جيء بالأسرى وفيهم العباس، أسره رجل من الأنصار: وقد وعدته الأنصار أن يقتلوه، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لم أنم الليلة من أجل عمّي العباس، وقد زعمت الأنصار أنهم قاتلوه» ، فقال له عمر: أفآتيهم؟ قال:«نعم» ، فأتى عمر الأنصار فقال لهم: أرسلوا العباس، فقالوا: لا والله لا نرسله، فقال لهم عمر: فإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي، قالوا: فإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي فخذه، فأخذه عمر، فلما صار في يده، قال له: يا عباس أسلم، فو الله لئن تسلم أحب إلي من أن يسلم الخطّاب، وما ذاك إلا لما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه إسلامك. فاستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس.
فقال: ما ترون في هؤلاء الأسرى؟ أن الله قد أمكنكم منهم، وإنما هم إخوانكم بالأمس.
فقال أبو بكر: يا رسول الله أهلك وقومك، قد أعطاك الله الظّفر ونصرك عليهم، هؤلاء بنو العمّ والعشيرة والإخوان استبقهم، وإني أرى أن تأخذ الفداء منهم، فيكون ما أخذنا منهم قوّة لنا على الكفّار، وعسى الله أن يهديهم بك، فيكونوا لك عضدا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«ما تقول يا بن الخطاب؟» .
قال: يا رسول الله قد كذّبوك وأخرجوك وقاتلوك، ما أرى ما رأى أبو بكر، ولكن أرى أن تمكّنني من فلان- قريب لعمر- فأضرب عنقه وتمكّن عليّا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فلان- أخيه- حتى يضرب عنقه، حتى ليعلم الله تعالى إنه ليست في قلوبنا مودة للمشركين، هؤلاء صناديد قريش وأئمتهم وقادتهم فاضرب أعناقهم، ما أرى أن يكون لك أسرى، فإنما نحن راعون مؤلّفون.
وقال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله أنظر واديا كثير الحطب فأضرمه عليهم نارا.
فقال العبّاس وهو يسمع ما يقول: قطعت رحمك. قال أبو أيوب: فقلنا- يعني الأنصار- إنما يحمل عمر على ما قال حسد لنا.
فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت، فقال أناس: يأخذ بقول أبي بكر، وقال أناس: يأخذ بقول عمر، وقال أناس: يأخذ بقول عبد الله بن رواحة، ثم خرج فقال: «إن الله تعالى ليليّن