للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى ابن أبي شيبة، والإمام أحمد، وعبد بن حميد، وابن مردويه، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: لما كان يوم بدر قتل أخي عمير وقتلت سعيد بن العاص وأخذت سيفه وكان يسمى ذا الكنيفة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم به فقلت: يا رسول الله قد شفاني الله تعالى اليوم من المشركين فنفّلني هذا السيف، فأنا من قد علمت، قال: «إن هذا السيف لا لك ولا لي، ضعه» ، فوضعته، ثم رجعت فقلت: عسى أن يعطى هذا السيف اليوم من لا يبلي بلائي فرجعت به فقال: «اذهب فاطرحه في القبض» ، فرجعت وبي ما لا يعلمه إلا الله تعالى من قتل أخي وأخذ سلبي، حتى إذا أردت أن ألقيه لامتني نفسي فرجعت إليه، فقلت: أعطنيه، فشدّني صوته فما جاوزت إلا يسيرا حتى نزلت سورة الأنفال، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اذهب فخذ سيفك» [ (١) ] .

وروى النحاس في تاريخه عن سعيد بن جبير أن سعدا ورجلا من الأنصار خرجا يتنفّلان فوجدا سيفا ملقى فخرا عليه جميعا، فقال سعد: هو لي، وقال الأنصاري: هو لي لا أسلمه، حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتياه فقصّا عليه القصة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس لك يا سعد ولا للأنصاريّ ولكنه لي» ،

فنزلت: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ الآية، ثم نسخت هذه الآية فقال تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ [ (٢) ] [الأنفال ٤٥] .

وروى ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في السنن عن ابن عباس قال:

الأنفال: المغانم كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة ليس لأحد منها شيء، ما أصاب من سرايا المسلمين من شيء أتوه به، فمن حبس منه إبرة وسلكا فهو غلول، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطيهم منها شيئا، فانزل الله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قال: الأنفال لي، جعلتها لرسلي، وليس لكم منه شيء، فاتقوا الله، وأصلحوا ذات بينكم، إلى قوله: إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ثم أنزل الله تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ الآية، ثم قسم ذلك الخمس لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والمهاجرين وفي سبيل الله، وجعل أربعة أخماس الناس فيه سواء: للفرس سهمان، ولصاحبه سهم، وللراجل سهم. واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الغنائم عبد الله بن كعب رضي الله عنه [ (٣) ] .


[ (١) ] أخرجه أبو داود بنحوه (٢٧٤٠) وأحمد في المسند ١/ ١٧٨ والحاكم في المستدرك ٢/ ١٣٢ وذكره السيوطي في الدر ٣/ ١٥٨.
[ (٢) ] ذكره السيوطي في الدر ٣/ ١٦٠ وعزاه للنحاس في ناسخه.
[ (٣) ] ذكره السيوطي في الدر ٣/ ١٦٠ وعزاه لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه.