[الباب التاسع في مناغاته صلى الله عليه وسلم للقمر في مهده وكلامه فيه]
روى الطبراني والبيهقي عن العباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه قال: قلت يا رسول الله دعاني إلى الدخول في دينك أمارة لنبوتك، رأيتك في المهد تناغي القمر وتشير إليه بإصبعك فحيث ما أشرت إليه مال. قال:«كنت أحدثه ويحدثني ويلهيني عن البكاء وأسمع وجبته حين يسجد تحت العرش» .
قال الإمام أبو عثمان الصابوني [ (١) ] رحمه الله تعالى في كتاب المائتين: هذا حديث غريب الإسناد
والمتن في المعجزات حسن.
المناغاة: المحادثة. وناغت الأم صبيها لاطفته وشاغلته بالمحادثة والملاعبة. قال الحافظ في الفتح وفي سير الواقدي إن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم في المهد أوائل ما ولد. وذكر ابن سبع رحمه الله تعالى في الخصائص أن مهده صلى الله عليه وسلم كان يتحرك بتحريك الملائكة له. وأن أول كلام تكلم به أن
قال:«الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيراً» .
فائدة: تكلم في المهد جماعة نظم شيخنا رحمه الله تعالى أسماءهم في كتابه قلائد الفوائد فقال:
تكلّم في المهد النبيّ محمدٌ ... وموسى وعيسى والخليل ومريم
ومبرئ جريجٌ ثم شاهد يوسفٍ ... وطفلٌ لدى الأخدود يرويه مسلم
وطفلٌ عليه مرّ بالأمة التي ... يقال لها تزني ولا تتكلّم
وماشطةٌ في عهد فرعون طفلها ... وفي زمن الهادي المبارك يختم
والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
[ (١) ] إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد بن إسماعيل، أبو عثمان الصابوني: مقدم أهل الحديث في بلاد خراسان. لقبه أهل السنة فيها بشيخ الإسلام، فلا يعنون- عند إطلاقهم هذه اللفظة- غيره. ولد ومات في نيسابور. وكان فصيح اللهجة، واسع العلم، عارفا بالحديث والتفسير، يجيد الفارسية إجادته العربية. له كتاب «عقيدة السلف» و «الفصول في الأصول» . توفي سنة ٤٤٩ هـ. انظر الأعلام ١/ ٣١٧، وطبقات الشافعية ٣/ ١١٧.