قلت: لا سواء لأن الختان والإسرار من الأمور الظاهرة التي تحتاج إلى فعل الآدمي، فخلقه الله تعالى سليماً منها لئلا يكون لأحد عليه منّة، كما في كمال الطهارة، وأما إخراج العلقة التي هي حظ الشيطان فمحلها القلب ولا اطلاع للآدمي عليها، ولو خلق الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم سليما منها لم يكن للآدميين اطلاع على حقيقته، فأظهره الله تعالى لعباده على يد جبريل ليتحققوا كمال باطنه كما برز لهم مكمل الظاهر انتهى. وهو مأخوذ من كلام السبكي يأتي ذكره في باب شرح صدره صلى الله عليه وسلم.
وروى ابن سعد بسند رجاله ثقات عن إسحاق بن أبي طلحة مرسلاً رحمه الله تعالى أن آمنة قالت: وضعته نظيفاً، ما ولدته كما يولد السّخل، ما به قذر، ووقع إلى الأرض وهو جالس على الأرض بيديه.
فائدة: ولد من الأنبياء مختوناً جماعة. نقل ابن دريد في الوشاح وابن الجوزي في التلقيح عن كعب الأحبار رحمه الله تعالى إنهم ثلاثة عشر. ونقل ابن الجوزي عن محمد بن حبيب رحمه الله تعالى أنهم أربعة عشر. وكل منهما ذكر ما لم يذكر الآخر. فالذي اتفقا عليه:
آدم. وشيث. ونوح، ولوط ويوسف، وشعيب، وموسى، وسليمان وعيسى، ومحمد صلى الله عليه وسلم.
والذي زاده كعب: إدريس، وسام، ويحيى والذي زاده ابن حبيب: هود، وصالح، وزكريا، وحنظلة بن صفوان نبيّ أصحاب الرس صلى الله عليه وسلم أجمعين فاجتمع من كلامهما سبعة عشر نبياً أولهم آدم وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم وقد نظم الشيخ رحمه الله تعالى ورضي عنه أسماءهم في قلائد الفوائد فقال:
وسبعةٌ مع عشرٍ قد روى خلقوا ... وهم ختانٌ فخذ لا زلت مأنوسا
محمدٌ آدم إدريس شيث ونو ... حٌ سام هودٌ شعيبٌ يوسف موسى
لوط سليمان يحيى صالحٌ زكر ... يّا وحنظلة الرسّيّ مع عيسى
وقال العلامة القاضي عبد الباسط البلقيني رحمه الله تعالى ونفعنا به:
وفي الرسل مختوناً لعمرك خلقةً ... ثمانٍ وتسعٍ طيبون أكارم
وهم زكريّا شيث إدريس يوسف ... وحنظلةٌ عيسى وموسى وآدم
ونوحٌ شعيبٌ سام لوطٌ وصالحٌ ... سليمان يحيى هود ياسين خاتم
تنبيه: قال بعضهم وفي قولهم: خلقوا مختونين تجوّز لأن الختان هو القطع، وهو غير ظاهر. لأن الله تعالى يوجد ذلك على هذه الهيئة من غير قطع، فيحمل الكلام باعتبار أنه على صفة المقطوع. والله أعلم.