الباب الثالث والعشرون في إخباره صلى الله عليه وسلم عن رجل قاتل الكفار قتالا شديدا أنه من أهل النار فمات فوجدوه قد غلّ من الغنيمة وما في ذلك من الآيات
روى أبو داود والنسائي عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«صلوا على صاحبكم، إنه غل في سبيل الله» ففتشنا متاعه فوجدنا فيه خرزا من خرز يهود ما يساوي درهمين.
وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا فقال لرجل ممن يدعي الإسلام: «هذا من أهل النار» ، فلما حضرنا القتال قاتل قتالا شديدا، فأصابته جراحة، فقيل: يا رسول الله، الرجل الذي قلت له آنفا: أنه من أهل النار، فإنه قاتل قتالا شديدا، وقد مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«إلى النار» ، فكاد بعض المسلمين أن يرتاب، فبينما هم على ذلك إذ قيل: فإنه لم يمت ولكن به جراحا شديدا، فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح، فقتل نفسه، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال:«الله أكبر، أشهد أني عبد الله ورسوله» ، ثم أمر بلالا فنادى في الناس أنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، وإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر.
وروي عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون فاقتتلوا، فلما مال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عسكره، ومال الآخرون إلى عسكرهم، وفي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل لا يدع لهم شاذة ولا فاذة إلا تبعها فضربها بسيفه، فقالوا: ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إما أنه من أهل النار» ، فقال رجل من القوم:
أنا صاحبه أبدا، قال: فجرح الرجل جراحا شديدا، فاستعجل الموت فوضع سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل على سيفه، فقتل نفسه، فخرج الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أشهد أنك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «وما ذاك؟» قال: الرجل الذي ذكرت آنفا أنه من أهل النار فأعظم الناس ذلك فقلت: أنا لكم به فخرجت في طلبه حتى جرح جرحا شديدا فاستعجل الموت، فوضع نصل سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل عليه فقتل نفسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة» ، وقد تقدم في غزوة أحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ذكر قرمان يقول:«أنه من أهل النار» فقتل نفسه.