[ذكر ما أنزل الله تبارك وتعالى في شأن هذه الغزوة]
قال الله عز وجل يذكّر المؤمنين فضله عليهم وإحسانه لديهم لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ [التوبة ٢٥] للحرب «كثيرة» كبدر وقريظة والنّضير (و) اذكر «يَوْمَ حُنَيْنٍ» واد بين مكة والطّائف، أي يوم قتالكم فيه هوازن، وذلك في شوال سنة ثمان «إذ» بدل من يوم، (أعجبتكم كثرتكم) - فقلتم: لن نغلب اليوم من قلّة، وكانوا اثني عشر ألفا، والكفار أربعة آلاف- كذا جزم به غير واحد، وجزم الحافظ وغيره بأنّهم كانوا ضعف عدد المسلمين، وأكثر من ذلك كما سيأتي، فعلى هذا كان المشركون أربعة وعشرين ألفا، (فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت) ما مصدرية أي مع رحبها أي سعتها. فلم تجدوا مكانا تطمئنون إليه لشدّة ما لحقكم من الخوف «ثمّ ولّيتم مدبرين» منهزمين وثبت النبي- صلى الله عليه وسلم- على بغلته البيضاء، وليس معه غير العباس، وأبو سفيان آخذ بركابه، (ثمّ أنزل الله سكينته) طمأنينته (على رسوله وعلى المؤمنين) فردوا إلى النبي لما ناداهم العباس بإذنه وقاتلوا (وأنزل جنودا لم تروها) ملائكة (وعذّب الّذين كفروا) بالقتل والأسر (وذلك جزاء الكافرين. ثمّ يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء) منهم بالإسلام (والله غفور رحيم) .
[ذكر ما قيل في هذه الغزوة من الشعر]
قال عباس بن مرداس السّلمي يذكر قارب بن الأسود وفرازه من بني أبيه وذا الخمار وحبسه قومه للموت.
ألا من مبلغ غيلان عنّي ... وسوف إخال يأتيه الخبير
وعروة إنّما أهدى جوابا ... وقولا غير قولكما يسير
بأنّ محمّدا عبدا رسول ... لربّ لا يضلّ ولا يجوز
وجدناه نبيا مثل موسى ... فكلّ فتى يخايره مخير
وبئس الأمر أمر بني قسيّ ... بوجّ إذا تقسمت الأمور
أضاعوا أمرهم ولكلّ قوم ... أمير والدّوائر قد تدور
فجئنا أسد غابات إليهم ... جنود الله ضاحية تسير
تؤمّ الجمع جمع بني قسيّ ... على حنق نكاد له نطير
وأقسم لو همو مكثوا لسرنا ... إليهم بالجنود ولم يغوروا
فكنّا أسد ليّة ثمّ حتّى ... أبحناها وأسلمت النّصور
ويوم كان قبل لدى حنين ... فأقلع والدّماء به تمور
من الأيّام لم تسمع كيوم ... ولم يسمع به قوم ذكور