للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أمية: يا أمّ صفوان جهّزيني، قالت: يا أبا صفوان، أنسيت ما قال لك أخوك اليثربيّ؟ قال:

لا، ما أريد أن أجوز معهم إلا قريبا. فلما خرج أخذ لا يترك منزلا إلا عقل بعيره، فلم يزل كذلك حتى قتله الله ببدر.

وروى البخاري وابن إسحاق واللفظ له عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، قال:

كان أمية بن خلف لي صديقا بمكة، وكان اسمي عبد عمرو، فتسمّيت حين أسلمت عبد الرحمن، فكان يلقاني إذ نحن بمكة فيقول: يا عبد عمرو أرغبت عن اسم سمّاك به أبوك؟

فأقول: نعم، فيقول: إني لا أعرف الرحمن فاجعل بيني وبينك شيئا أدعوك به، أمّا أنت فلا تجيبني باسمك الأول، وأما أنا فلا أدعوك بما لا أعرف. قال: وكان إذا دعاني عبد عمرو لم أجبه. قال: فقلت له: يا أبا عليّ اجعل بيني وبينك ما شئت، قال: فأنت عبد الإله، قلت: نعم، قال: فكنت إذا مررت به قال: يا عبد الإله فأجيبه، فأتحدث معه، فلما هاجرت إلى المدينة كاتبته ليحفظني في ضائقتي، وأحفظه في ضائقته بالمدينة، فلما كان يوم بدر خرجت لأحرزه من القتل، فوجدته مع ابنه عليّ بن أمية، أخذ بيده، ومعي أدراع [قد استلبتها فأنا أحملها] ، فلما رآني قال: يا عبد عمرو فلم أجبه، فقال: يا عبد الإله، فقلت: نعم. قال: هل لك في، فأنا خير لك من هذه الأدراع التي معك؟ قلت: نعم بالله إذا، فطرحت الأدراع من يدي فأخذت بيده ويد ابنه وهو يقول: ما رأيت كاليوم قطّ، أما لكم حاجة في اللّبن، ثم خرجت أمشي بهما، فقال لي ابنه: يا عبد الإله، من الرجل منكم المعلّم بريشة نعامة في صدره، قلت: ذاك حمزة بن عبد المطلب، قال: ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل، قال عبد الرحمن: فو الله إني لأقودهما إذ رآه بلال معي. وكان هو الذي يعذّب بلالا بمكة حتى يترك الإسلام فلما رآه قال:

رأس الكفر أمية بن خلف لا نجوت إن نجا، ثم نادى: يا معشر الأنصار، فخرج معه فريق من الأنصار في آثارنا، فلما خشيت أن يلحقونا أطلقت لهم ابنه لأشغلهم به، وكان أمية رجلا ثقيلا، فقلت: ابرك، فبرك، فألقيت نفسي عليه لأمنعه، فأحاطوا بنا حتى جعلونا في مثل الدّسكرة- وفي لفظ المسكة- وأنا أذبّ عنه، فأخلف رجل السيف فضرب رجل ابنه فوقع، وصاح أمية صيحة ما سمعت مثلها قط، فقلت: انج بنفسك ولا نجاء بك، فو الله ما أغني عنك شيئا، قال: فهبروه بأسيافهم وأصاب أحدهم ظهر رجلي بسيفه، فكان عبد الرحمن يقول:

يرحم الله بلالا، ذهبت أدراعي، وفجعني بأسيريّ.

[ذكر رمي رسول الله صلى الله عليه وسلم الكفار بالحصباء]

قال الله سبحانه وتعالى: وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى [الأنفال ١٧]

قال محمد بن عمر الأسلميّ: وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ من الحصباء كفّا، فرمى به المشركين،