للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: «شاهت الوجوه، اللهمّ أرعب قلوبهم، وزلزل أقدامهم» ،

فانهزم أعداء الله لا يلوون على شيء، وألقوا دروعهم، والمسلمون يقتلونهم.

وروى ابن أبي حاتم، عن ابن زيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ ثلاث حصيات، فرمى بحصاة في ميمنة القوم، وحصاة في ميسرة القوم، وحصاة بين أظهرهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«شاهت الوجوه» ، فانهزم القوم.

وروى الطبراني وابن جرير وابن أبي حاتم بسند حسن، عن حكيم بن حزام، قال: لما كان يوم بدر سمعنا صوتا وقع من السماء إلى الأرض، كأنه صوت حصاة وقعت في طست، ورمى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك الحصاة وقال: «شاهت الوجوه» فانهزمنا.

وروى أبو الشيخ وأبو نعيم وابن مردويه، عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت صوت حصيات وقعن من السماء يوم بدر كأنهن وقعن في طست، فلما اصطفّ الناس أخذهنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فرمى بهن وجوه المشركين فانهزموا.

وروى الطبراني وأبو الشيخ برجال الصحيح، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعليّ: «ناولني قبضة من حصباء» ، فرمى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوه الكفار، فما بقي أحد من القوم إلا امتلأت عيناه من الحصباء

[ (١) ] .

وروى ابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس والأمويّ، عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا ربّ إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبدا» . فقال له جبريل: خذ قبضة من تراب فارم بها في وجوههم، فما بقي من المشركين من أحد إلا وأصاب عينيه ومنخريه وفمه، فولّوا مدبرين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: «احملوا» ، فلم تكن إلا الهزيمة، فقتل الله من قتل من صناديدهم وأسر من أسر،

وأنزل الله تعالى: فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ، وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى [الأنفال ١٧] قال ابن عقبة وابن عائذ: فكانت تلك الحصباء عظيما شأنها، لم تترك من المشركين رجلا إلا ملأت عينيه، وجعل المسلمون يقتلونهم ويأسرونهم. وبادر كل رجل منهم منكبّا على وجهه لا يدري أين يتوجّه، يعالج التراب ينزعه من عينيه [ (٢) ] .

قال ابن إسحاق: فكانت الهزيمة، فقتل الله من قتل من صناديد قريش، وأسر من أشرافهم، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العريش متوشّحا بالسيف، في نفر من الأنصار يحرسونه


[ (١) ] انظر الترغيب والترهيب ٣/ ١٧٥.
[ (٢) ] تقدم.