وبعدم جواز الاحتلام عليهم على الصواب فإنه من تلاعب الشيطان.
وروى الطبراني والدينوري في المجالسة عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال:
ما احتلم نبي قط وإنما الاحتلام من الشيطان» .
[الرابعة والعشرون:]
وبأن الأرض لا تأكل لحومهم كما رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن أوس بن أوس الثقفي مرفوعا وسيأتي الكلام عليه في باب حياته صلى الله عليه وسلم في قبره بعد الوفاة.
[الخامسة والعشرون:]
وبأن الكذب عليه صلى الله عليه وسلم كبيرة وليس كالكذب على غيره في تشديد الحرمة كما في الصحيحين عن المغيرة بن شعبة وقد جاء في حديث التحذير من الكذب عليه صلى الله عليه وسلم من طرق جماعة من الصحابة- رضي الله تعالى عنهم- حتى قال النووي- رحمه الله تعالى- أنه قيل جاء عن مائتين من الصحابة، ولا فرق في تحريم الكذب عليه بين ما كان من الأحكام وما لا حكم فيه كالترغيب والترهيب، والمواعظ وغير ذلك وكله حرام من أكبر الكبائر وأقبح القبائح بإجماع من يعتد به وبأن من كذب عليه عمدا من غير استحلال يكفر ويراق دمه قاله الشيخ أبو محمد الجويني والد إمام الحرمين، والجمهور على خلافه وأنه لا يكفر إلا إذا استحل ذلك.
[السادسة والعشرون:]
وبأن من رآه في المنام فقد رآه حقا فإن الشيطان لا يتمثل في صورته كما رواه البخاري عن أنس والشيخان عن أبي قتادة والبخاري عن أبي سعيد ومسلم عن جابر والشيخان عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- قال القضاعي هذه الخصوصية مما خص به النبي صلى الله عليه وسلم ومن غيره من الأنبياء.
وقال الشيخ أكمل الدين في «شرح المشارق» ذكر المحققون أن هذا المعنى خاص به صلى الله عليه وسلم وقالوا في ذلك أنه صلى الله عليه وسلم وإن ظهر بجميع أحكام الحق وصفاته تخلقاً وتحققاً فإن من مقتضى مقام رسالته وإرشاده للخلق ودعوته إياهم إلى صفات الحق الذي أرسله إليهم هو أن يكون الأظهر فيه حكماً وسأظنه من صفات الحق وأسمائه صفة الهداية، والاسم الهادي كما أخبر تعالى عن ذلك بقوله.. وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [الشورى/ ٥٢] فهو- عليه الصلاة والسلام- صورة الاسم الهادي ومظهر صفات الهادي والشيطان مظهرا لاسم المضل والظاهر بصفة الضلالة فهما ضدان ولا يظهر أحدهما بصورة الآخر فالنبي صلى الله عليه وسلم خلقه الله تعالى للهداية فلو ساغ ظهور إبليس في صورته زال الاعتماد بكل ما يبديه الحق ويظهره لمن شاء هدايته به فلهذه الحكمة عصم الله تعالى صورة النبي صلى الله عليه وسلم من أن يظهر بها شيطان.
فإن قيل: عظمة الحق سبحانه وتعالى أتم من عظمة كل عظيم فكيف اعتاض على