للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب العاشر في تكثيره صلى الله عليه وسلّم ماء المزادتين

روى الإمام أحمد والشيخان [ (١) ] والطبراني والبيهقي عن عمران بن حصين رضي الله عنه: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فاشتكى إليه الناس العطش، فنزل ثم دعا عليّا، ورجلا آخر وفي رواية: وعمران بن حصين، فقال: «اذهبا فابغيا الماء فإنّكما ستجدان امرأة بمكان كذا وكذا معها بعير عليه مزادتان فأتيا بها» فانطلقا فلقيا امرأة بين مزادتين من ماء على بعير لها فقالا لها: أين الماء؟ قالت: عهدي بالماء أمس هذه الساعة. فقالا لها: انطلقي إذا، قالت: إلى أين؟

قالا: إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: الذي يقال له الصّابئ؟ قالا: هو الذي تعنين، فانطلقا فجاءا بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحدثاه بالحديث، قال: فاستنزلوها عن بعيرها ودعا النبي صلى الله عليه وسلم بإناء، فأفرغ فيه من أفواه المزادتين فمضمض في الماء وأعاده في أفواه المزادتين وأوكأ أفواههما، وأطلق الغرارتين ونودي في الناس اسقوا واستقوا فسقى من شاء واستقى من شاء وملأنا كل قربة معنا وإداوة وهي قائمة تنظر ما يفعل بمائها وأيم الله، لقد أقلع عنها وإنها ليخيل إليها أنها أشد ملئة منها حيث ابتدأ فيها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اجمعوا لها طعاما» فجمعوا لها ما بين عجوة ودقيقة وسويقة حتى جمعوا لها طعاما فجعلوه في ثوب وحملوها على بعيرها ووضعوا الثوب بين يديها

وقالوا لها: تعلمين ما رزأنا من مائك شيئا ولكن الله هو الذي أسقانا الحديث وفيه أنها أسلمت وقومها بعد ذلك.

[تنبيهات]

الأول: في قول سيدنا عليّ ورفيقه لها لما قالت: الصّابئ: (هو الذي تعنين) أدب حسن ولو قالا لها: لا، لفات المقصود أو نعم لما يحسن بهما إذ فيه طلب تقرير ذلك فتخلّصا أحسن تخليص.

الثاني: قال بعض العلماء: إنما أخذوها واستجازوا أخذ ما بها لأنها كانت كافرة حربية وعلى تقدير أن يكون لها عهد فضرورة العطش تبيح للمسلم إمّا المملوك لغيره على عوض وإلّا فنفس الشّارع تفدى بكل شيء على سبيل الوجوب.

الثالث: في بيان غريب ما سبق:

ابغيا: بغين معجمة: اطلبا.


[ (١) ] تقدم.