الباب الخامس والسبعون في بعثة صلّى الله عليه وسلم أبا أمامة صدي بن عجلان رضي الله عنه إلى باهلة.
عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومي أدعوهم إلى الله عز وجل وأعرض عليهم شرائع الإسلام. فأتيتهم وقد سقوا إبلهم وجلبوها وشربوا. فلما رأوني قالوا: مرحبا بالصّدعي بن عجلان. وأكرموني وقالوا: بلغنا أنك صبوت إلى هذا الرجل.
فقلت: لا ولكن آمنت بالله ورسوله وبعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم أعرض عليكم شرائع الإسلام. فبينا نحن كذلك إذ جاءوا بقصعتهم فوضعوها واجتمعوا حولها يأكلونها وقالوا: هلمّ يا صديّ. قلت: ويحكم إنما أتيتكم من عند من يحرّم هذا عليكم إلا ما ذكّيتم كما قال الله تعالى. قالوا: وما قال؟ قلت: نزلت هذه الآية حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ [المائدة ٣] إلى قوله: وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ، فجعلت أدعوهم إلى الإسلام فكذّبوني وزبروني وأنا جائع ظمآن قد نزل بي جهد شديد. فقلت لهم: ويحكم ايتوني بشربة من ماء فإني شديد العطش. قالوا: لا ولكن ندعك تموت عطشا. قال: فاعتممت وضربت برأسي في العمامة ونمت في حر شديد، فأتاني أت في منامي بقدح فيه شراب من لبن لم ير الناس ألذّ منه فشربته حتى فرغت من شرابي ورويت وعظم بطني. فقال القوم: أتاكم رجل من أشرافكم وسراتكم فرددتموه فاذهبوا إليه وأطعموه من الطعام والشراب ما يشتهي. فأتوني بالطعام والشراب فقلت: لا حاجة لي في طعامكم ولا شرابكم، فإن الله تعالى أطعمني وسقاني: فانظروا إلى الحال التي أنا عليها. فأريتهم بطني فنظروا فاسلموا عن آخرهم بما جئت به من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو أمامة: ولا والله ما عطشت ولا عرفت عطشا بعد تيك الشّربة، رواه الطبراني من طريقين إحداهما سندها حسن.