للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بالبراق فلم يزايل ظهره هو وجبريل حتى انتهيا إلى بيت المقدس. وفي رواية عنه عند ابن حبّان أن جبريل حمله على البراق رديفا له، وفي لفظ «فركبه خلف جبريل فسار بهما» . وفي حديث أبي ليلى أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم بالبراق فحمله بين يديه، رواه الطبراني.

وفي حديث ابن مسعود، رفعه: «أتيت بالبراق فركبته خلف جبريل» .

والصحيح أنه كان معدّا لركوب الأنبياء قبل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم [ (١) ] .

وروى الفاكهي بسند حسن عن علي رضي الله عنه قال: «كان إبراهيم يزور إسماعيل وأمه على البراق» .

وفي حديث أبي سعيد رضي الله عنه: «وكانت الأنبياء تركبها قبلي» . رواه البيهقي وغيره. وقال أنس رضي الله عنه: «وكانت تسخّر للأنبياء قبلي» . رواه النسائي وابن مردويه. وقال سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن: «أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم على البراق، وهي دابّة إبراهيم التي كان يزور عليها البيت الحرام» ، رواه ابن جرير.

[التنبيه الحادي عشر:]

قوله في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «وتكلم أربعة وهم صغار» فذكر ابن الماشطة وشاهد يوسف وصاحب جريج وعيسى بن مريم. وروى الشيخان من حديث أبي هريرة مرفوعا: «لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة» ، فذكر عيسى وصاحب جريج وابن الماشطة. وفي حديث مسلم عن صهيب رضي الله عنه في قصة أصحاب الأخدود: أن امرأة جيء بها لتلقى في النار أو لتكفر ومعها صبيّ يرضع فتقاعست فقال: يا أماه اصبري فإنك على الحقّ. وفي رواية عند ابن قتيبة: إنه كان ابن سبعة أشهر. وروى الثعلبي عن الضحاك أن يحيى بن زكريا تكلم في المهد وذكر البغوي في تفسيره أن إبراهيم الخليل عليه السلام تكلم في المهد. وفي سير الواقدي إن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم في أوائل ما ولد. وقد تكلم في زمان النبي صلى الله عليه وسلم مبارك اليمامة كما سيأتي في المعجزات، فهذه عشرة، وتقدم نظمهم في أبواب المولد، وسيأتي الكلام على ذلك مبسوطا في المعجزات. وإذا علم ذلك

فقوله صلى الله عليه وسلم: «لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة»

[ (٢) ] ، قاله قبل أن يعلم الزيادة على ذلك.

[التنبيه الثاني عشر:]

ذكر في القصة نزوله صلى الله عليه وسلم عن البراق وصلاته بعدّة مواضع كما هو مذكور في القصة. وقال حذيفة رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزايل ظهر البراق هو وجبريل حتى انتهيا إلى بيت المقدس» . قال الحافظ: «وهذا لم يسنده حذيفة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فيحتمل أنه قاله عن اجتهاد» . قلت: ويدل على ذلك إنكاره ربط البراق والصلاة


[ (١) ] أخرجه مسلم ١/ ١٤٥ (٢٥٩- ١٦٢) وانظر مسند الإمام أحمد ٣/ ١٤٨ والحاكم في المستدرك ٤/ ٦٠٦ الدر المنثور للسيوطي ٤/ ١٣٦.
[ (٢) ] أخرجه البخاري ٤/ ٢٠١ ومسلم ٤/ ١٩٧٦ وأحمد في المسند ٢/ ٣٠١ والحاكم في المستدرك ٢/ ٥٩٥.