[الباب التاسع في تنبيهات على بعض فوائد تتعلق بقصة المعراج]
[الأول:]
قال ابن المنير: كانت كرامته صلى الله عليه وسلم في المناجاة على سبيل المفاجأة كما أشار إليه بقوله: «بينا أنا» . وفي حق موسى عليه الصلاة والسلام عن ميعاد واستعداد فحمل عنه صلى الله عليه وسلم ألم الانتظار. ويؤخذ من ذلك أن مقام النبي صلى الله عليه وسلم بالنسبة إلى مقام موسى مقام المراد بالنسبة إلى مقام المريد.
[الثاني:]
قال ابن دحية في قوله:«فرج سقف بيتي» ، يقال: لم لم يدخل من الباب مع قوله تعالى: وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها [البقرة: ١٨٩] ، فالحكمة في ذلك المبالغة في المناجاة، والتنبيه على أن الكرامة والاستدعاء كانا على غير ميعاد، ولعل كونه فرج عن سقف بيته توطئة وتمهيد لكونه فرج عن صدره، فأراه الملك، بإفراجه عن السقف فالتأم السقف على الفور، كيفيّة ما يصنع به، وقرّب له الأمر في نفسه بالمآل المشاهد في بيته لطفا في حقه وتبيينا لبصره، ولعله فرج عن سقف بيته حتى لا يعرج الملك، وقد جاء في هذا الأمر المهم العظيم على شيء سواه، فانصبّ له من السماء انصبابة واحدة وهي خرق الحجاب.
ولو أنه جاء على العادة من الباب لاحتاج أن يلج صحن الدار، ثم يعرج إلى البيت الذي هو فيه وقال الحافظ: قيل الحكمة في نزوله عليه من السقف المبالغة في مفاجأته بذلك والتنبيه على أن المراد منه أن يعرج به إلى جهة العلوّ.
[الثالث:]
الرجلان اللذان كان النبي صلى الله عليه وسلم نائما بينهما تلك الليلة: حمزة وجعفر رضي الله عنهما، نبه عليه الحافظ. قال ابن أبي جمرة: وفي هذا تواضعه صلى الله عليه وسلم وحسن خلقه، إذ أنه في الفضل حيث هو، ومع ذلك كان يضطجع مع الناس ويقعد معهم، ولم يجعل لنفسه المكرّمة مزيّة عليهم، وفيه دليل على جواز نوم جماعة في موضع واحد، ولكن يشترط في ذلك أن يكون لكل واحد منهم ما يستر به جسده عن صاحبه.
[الرابع:]
تقدم في أبواب صفاته الكلام على شقّ الصّدر وخاتم النبوة والطست والذهب وزمزم.