وقرئ «يعزّروه» بزائين من العز، ونهى عن التقدم بين يديه بسوء الأدب والقول، بسبقه الكلام على قول ابن عباس وغيره، وهو اختيار ثعلب.
وقال سهل بن عبد الله: لا تقولوا قبل أن يقول، وإذا قال فاستمعوا له وأنصتوا، ونهى عن التقدم والتعجيل بقضاء قبل قضائه فيه، وأن يفتاتوا عليه شيئاً من أمر دينهم إلا بأمره، ولا يسبقوه به، وإلى هذا يرجع قول الحسن ومجاهد والضحاك والسّدّيّ، وحذر مخالفة ذلك بقوله تعالى:
قال السدي: اتّقوا الله في إهمال حقه، وتضييع حرمته، إنه «سميع» لقولكم «عليم» بفعلكم.
وقد تقدم الكلام على هذه الآيات في «الخصائص» ورأس الأدب معه- صلى الله عليه وسلم- كمال التسليم له، والانقياد لأمره، وتلقي خبره بالقبول والتصديق، دون أن يحمله معارضة خيال باطل نسميه معقولا أو نسميه شبهة أو شكا، أو تقدم إليه آراء الرجال وزيادة أذهانهم، فيوجد التحكيم والتسليم والانقياد والإذعان كما وجد المرشد بالعبادة والخضوع والذل والإنابة والتوكل، فهما توحيدان لا نجاة للعبد من عذاب الله إلا بهما، توحيد المرسل، وتوحيد متابعة الرّسل، فلا يتحاكم إلى غيره، ولا يرضى بحكم غيره.
فصل فيما روي من تعظيم الصحابة- رضي الله تعالى عنهم- للنبي- صلى الله عليه وسلم-
روى مسلم عن عمرو بن العاص- رضي الله تعالى عنه- قال: وما كان من أحد أحب إلي من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولا أجلّ في عيني منه وما كنت أطيقه أن أملأ عيني منه إجلالاً له.
وروى الترمذي عن أنس- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يخرج على أصحابه من المهاجرين والأنصار وهم جلوس فيهم أبو بكر وعمر، فلا يرفع أحد منهم إليه بصره إلا أبو بكر وعمر، فإنهما كانا ينظران إليه وينظر إليهما، ويتبسّمان إليه ويتبسّم إليهما.
وروى أبو داود عن أسامة بن شريك- رضي الله تعالى عنه- قال: أتيت