أخيك. قلت: قد رأيت، فهل لك أن تؤمن به. قال: لا أومن به حتى أرى الخيل في كداء.
قلت: ما تقول؟! قال: كلمة جاءت على فمي، إلا أني أعلم أن اللَّه لا يترك خيلا تطلع على كداء.
قال العباس: فلما فتح رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مكة ونظرنا إلى الخيل قد طلعت من كداء قلت:
يا أبا سفيان تذكر تلك الكلمة؟ قال: إي واللَّه إني لأذكرها.
كداء: كسحاب: الثنية العليا بأعلى مكة عند المقبرة، لا تنصرف. وقال النووي:
ويجوز الصرف على إرادة الموضع.
[خبر أمية عن بعض أحبار الشام]
روى البيهقي وأبو نعيم واللفظ له عن أبي سفيان بن حرب قال: خرجت أنا وأمية بن أبي الصلت تجارا إلى الشام فقال: هل لك في عالم من علماء النصارى إليه انتهى علم الكتاب نسأله. قلت له: لا أرب لي فيه. فذهب ثم رجع فقال: إني جئت هذا العالم فسألته عن أشياء ثم قلت: أخبرني عن هذا النبي الذي ينتظر. فقال: هو رجل من العرب قلت: من أي العرب؟
قال: من أهل بيت يحجه العرب من إخوانكم من قريش. قلت: صفه لي. قال: رجل شاب حين دخل في الكهولة، بدء أمره يجتنب المظالم والمحارم ويصل الرحم ويأمر بصلتها، وهو محوج كريم الطرفين متوسط في العشيرة أكثر جنده الملائكة. قلت ما آية ذلك؟ قال: قد رجفت الشام بعد عيسى ابن مريم صلى اللَّه عليهما وسلم ثلاثين رجفة كلها مصيبة، وبقيت رجفة عامة فيها مصائب. قال أبو سفيان: فقلت: هذا واللَّه الباطل. فقال أمية: والذي حلفت به إن هذا لهكذا.
ثم خرجنا فإذا راكب من خلفنا يقول: أصاب أهل الشام بعدكم رجفة دمرت أهلها وأصابتهم فيها مصائب عامة. قال أبو سفيان: فأقبل علي أمية فقال: كيف ترى قول النصراني؟
قلت: أرى واللَّه إنه حق.
وقدمت مكة فقضيت ما معي ثم انطلقت حتى جئت اليمن تاجرا فمكثت بها خمسة أشهر، ثم قدمت مكة فجاء الناس يسلمون علي ويسألون عن بضائعهم ثم جاءني محمد صلى اللَّه عليه وسلم فسلم علي ورحب بي وسألني عن سفري ومقام ولم يسألني عن بضاعته، ثم قال: فقلت لهند: واللَّه إن هذا ليعجبني! ما من أحد من قريش له معي بضاعة إلا وقد سألني عنها ما سألني هذا عن بضاعته. قالت: وما علمت بشأنه؟ إنه يزعم أنه رسول اللَّه. فوقذتني. وذكرت قول النصراني: قلت: لهو أعقل من أن يقول هذا. قالت: بلى واللَّه إنه يقول ذلك.