للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قصّة سراقة رضي الله عنه

روى الإمام أحمد ويعقوب بن سفيان والشيخان عن سراقة بن مالك رضي الله عنه، والإمام أحمد والشيخان ويعقوب عن أبي بكر رضي الله عنه قال سراقة بن جعشم: جاءنا رسل كفّار قريش يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر دية كل واحد منهما مائة ناقة من الإبل لمن قتله أو أسره، فبينا أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج أقبل رجل منهم حتى قام علينا [ونحن جلوس] فقال: يا سراقة إني قد رأيت آنفا أسودة بالساحل- وفي لفظ: ركبة ثلاثة- أراها محمدا وأصحابه. قال سراقة: فعرفت أنهم هم، فأومأت إليه بعيني أن اسكت، فسكت، ثم قلت له: إنهم ليسوا بهم ولكنك رأيت فلانا وفلانا انطلقوا يبتغون ضالّة لهم. ثم لبثت في المجلس ثم قمت فدخلت بيتي فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي وهي من وراء أكمة فتحبسها عليّ، وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت فحططت بزجّه الأرض وخفضت عاليه حتى أتيت فرسي فركبتها، فرفعتها تقرّب بي حتى رأيت أسودتهما، فلما دنوت منهم عثرت بي فرسي فخررت عنها فقمت فأهويت بيدي إلى كنانتي فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها أضرّهم، أم لا أضرّهم، فخرج الذي أكره: أني لا أضرّهم، وكنت أرجو أن أردّه فآخذ المائة ناقة، فركبت فرسي وعصيت الأزلام فرفعتها تقرّب بي حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت وأبو بكر يكثر الالتفات ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغت الرّكبتين فخررت عنها، ثم زجرتها فنهضت فلم تكد تخرج يديها فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها عثان ساطع في السماء مثل الدّخان فاستقسمت بالأزلام فخرج الذي أكره- ألا أضرّهم- قال: فعرفت حين رأيت ذلك أنه قد منع مني وأنه ظاهر، فناديتهم بالأمان وقلت:

أنظروني فوالله لا آذيتكم ولا يأتيكم مني شيء تكرهونه.

قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: «قل له وما تبتغي منا» ؟ فقلت: إن قومك قد جعلوا فيكما الدّية وأخبرتهما أخبار ما يريد الناس بهم وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزآني شيئا ولم يسألاني إلا أن قال: «أخف عنا» فسألته أن يكتب لي كتاب موادعة آمن به، قال: «اكتب له يا أبا بكر» - وفي رواية: فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أديم، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

[ثم رجعت] فسكتّ فلم أذكر شيئاً مما كان حتى إذا كان فتح مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفرغ من حنين والطائف خرجت لألقاه ومعي الكتاب الذي كتب لي [فلقيته بالجعرانة] . قال: «فبينا أنا عامد له دخلت بين ظهري كتيبة من كتائب الأنصار، فطفقوا يقرعونني بالرماح ويقولون: إليك إليك حتى إذا دنوت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته،