قال جابر: فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلّم-: «من لهذا؟» قال محمد بن مسلمة: أنا له يا رسول الله، أنا والله الموتور الثائر، قتل أخي بالأمس، قال:«فقم إليه، اللهمّ أعنه عليه»
قال: فلمّا دنا أحدهما من صاحبه، دخلت بينهما شجرة عمريّة من شجر العشر، فجعل أحدهما يلوذ بها من صاحبه، فكلما لاذ منه بها اقتطع صاحبه ما دونه منها، حتى برز كل واحد منهما لصاحبه، وصارت بينهما كالرّجل القائم، ما فيها فنن، ثمّ حمل مرحب علي محمد بن مسلمة فضربه، فاتّقاه بالدّرقة، فوقع سيفه فيها، فعضّت به فأمسكته، وضربه محمد بن مسلمة حتى قتله. والله أعلم.
قلت: جزم جماعة من أصحاب المغازي: بأن محمد بن مسلمة هو الذي قتل مرحبا.
ولكن ثبت في صحيح مسلم كما تقدم عن سلمة بن الأكوع أن عليا- رضي الله عنه- هو الذي قتل مرحبا.
وورد ذلك في حديث بريدة بن الحصيب، وأبي نافع مولى رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- وعلى تقدير صحة ما ذكره جابر، وجزم به جماعة، فما في صحيح مسلم مقدّم عليه من وجهين:
أحدهما أنه أصحّ إسنادا، الثاني. أن جابرا لم يشهد خيبر كما ذكره ابن إسحاق، ومحمد بن عمر، وغيرهما، وقد شهدها سلمة وبريدة، وأبو رافع- رضي الله عنهم- وهم أعلم ممن لم يشهدها، وما قيل من إن محمد بن مسلمة ضرب ساقي مرحب فقطعهما ولم يجهز عليه، ومر به علي فأجهز عليه، يأباه حديث سلمة وأبي رافع، والله أعلم. وصحح أبو عمر- رحمه الله- أن عليا- رضي الله عنه- هو الذي قتل مرحبا، وقال ابن الأثير: إنه الصّحيح.
ذكر قلع علي- رضي الله عنه- باب خيبر
قال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن حسن عن بعض أهله، عن أبي رافع مولى رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- قال: خرجنا مع علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- حين بعثه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- برايته، فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم، فضربه رجل من يهود، فطرح ترّسه من يده فتناول علي بابا كان عند الحصن فترس به عن نفسه فلم يزل في يده وهو يقاتل، حتى فتح الله- تعالى- عليه، ثمّ ألقاه من يده حين فرغ، فلقد رأيتني في نفر سبعة أنا ثامنهم، نجهد على أن نقلب ذلك الباب، فما نقلبه.
وروى البيهقي من طريقين عن المطلب بن زياد، عن ليث بن أبي سليم، عن أبي جعفر محمد بن علي- رضي الله عنه- عن آبائه، قال: حدثني جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما-: أن عليا- رضي الله عنه- حمل الباب يوم خيبر، حتى صعد عليه المسلمون