روى الإمام أحمد والشيخان عن المسوّر ابن مخرمة، ومروان بن الحكم، قالا: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- صالح أهل مكة، وكتب كتاب الصلح بينه وبينهم فلما فرغ قال للناس:
قوموا فانحروا، ثم احلقوا قالا: فو الله ما قام منهم رجل، حتى قالها ثلاثا! فلما لم يقم أحد، ولا تكلّم أحد منهم قالت: لن يقوموا حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك فخرج ففعل ذلك، فلما رأوا ذلك، قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا. وتقدم مبسوطا في غزوة الحديبية.
الثامن: في وفاتها- رضي الله تعالى عنها-.
قال ابن أبي خيثمة- رحمه الله تعالى- توفّيت أمّ سلمة في ولاية يزيد بن معاوية سنة إحدى وستين على الصحيح، واستخلف يزيد سنة ستين بعد ما جاء خبر الحسين بن علي- رضي الله تعالى عنهما- عليهم، ولها أربع وثمانون سنة على الصواب.
وروى الطبراني برجال ثقات عن الهيثم بن عدي- رحمه الله تعالى- قال: أول من مات من أزواج النبي- صلى الله عليه وسلّم- زينب بنت جحش، وآخر من مات منهنّ أمّ سلمة زمن يزيد بن معاويّة سنة اثنتين وستين.
التاسع: في ولدها- رضي الله تعالى عنها-
كان لها ثلاثة أولاد: سلمة أكبرهم، وعمر، وزينب أصغرهم ربّوا في حجر النبي- صلى الله عليه وسلّم- واختلف الرواة فيمن زوّجها من النبي- صلى الله عليه وسلم- فروى الإمام أحمد والنسائي أنه عمر، وقيل سلمة أبو عمر، وعليه الأكثر، وزوجه- صلى الله عليه وسلّم- أمامة بنت حمزة بن عبد المطلب، عاش في خلافة عبد الملك بن مروان، ولم تحفظ له رواية، وأما عمر- رضي الله تعالى عنه- فله رواية وتوفّي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وله تسع سنين، وكان مولده بالحبشة، في السنة الثانية من الهجرة، واستعمله علي- رضي الله تعالى عنها- على فارس، والبحرين، وتوفّي بالمدينة سنة ثلاث وثمانين في خلافة عبد الملك. وأما زينب فولدت بأرض الحبشة وكان اسمها (برة) فسمّاها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- زينب، دخلت على رسول الله- صلى الله عليه وسلم وهو يغتسل فنضح في وجهها الماء فلم يزل ماء الشّباب في وجهها- رضي الله تعالى عنها- حتى كبرت وعجزت.
روى الطبرانيّ عنها- رضي الله تعالى عنها- قالت: كانت أمّي إذا دخل رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- يغتسل تقول أمي: اذهبي فادخلي، قالت: فدخلت، فنضح في وجهي بالماء، وقال: ارجعي، وقال العطاف: قالت أمي: فرأيت وجه زينب وهي عجوز كبيرة ما نقص من وجهها شيء.
وتزوّجها عبد الله بن زمعة بن الأسود الأسديّ وولدت له، وكانت من أفقه أهل زمانها.