وأفضل خلق الله من نسل آدم ... وأزكاهم فرعا وأشرفهم فخرا
فصلّى عليه الله ما جنّت الدّجى ... وأطلعت الأفلاك في أفقها فجرا
وأنشد شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر لنفسه:
يقول راجي إله الخلق أحمد من ... أملى حديث نبيّ الخلق متّصلا
تدنو من الألف إن عدّت مجالسه ... فالسّدس منها بلا قيد لها حصلا
يتلوه تخريج أصل الفقه يتبعها ... تخريج أذكار ربّ قد دنا وعلا
دنا بوحشه للخلق يرزقهم ... كما علا عن سمت الحادثات علا
في مدّة نحو كجّ قد مضت هملا ... ولي من العمر في ذا اليوم قد كملا
ستّا وسبعين عاما رحت أحسبها ... من سرعة السّير ساعات فيا خجلا
إذا رأيت الخطايا أوبقت عملي ... في موقف الحشر لولا أنّ لي أملا
توحيد ربّي يقينا والرّجاء له ... وخدمتي ولاكثار الصّلاة على
محمّد في صباحي والمساء وفي ... خطّي ولطفي عساها تمحيه الزّللا
فأقرب النّاس منه في قيامته ... من بالصّلاة عليه كان منشغلا
يا ربّ حقّق رجائي والألى سمعوا ... منّي جميعا بعفو منك قد شملا
[تنبيهات]
الأول:
قوله- صلى الله عليه وسلم- «من صلى عليّ»
هذه شرطية، والمشروط «صلّى» ، وجزاء الشّرط قوله عشرا.
قال الطيبي: الصلاة منا عليه معناها طلب التّعظيم والتبجيل لجنابه الكريم، والصلاة من الله تعالى على العبد إن كان بمعنى الغفران فيكون من الموافقة لفظا ومعنى، وهذا هو الوجه لئلا يتكرر معنى الغفران، ومعنى الأعداد المخصوصة محمولة على المزيد والفضل المطلوب انتهى.
وقال ابن القيّم: هذا موافق للقاعدة المستقرّة في الشريعة أن الجزاء من جنس العمل، فصلاة الله تعالى على المصلّي على رسوله- صلى الله عليه وسلم- جزاء لصلاته هو عليه فمن أثنى على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- جزاه الله من جنس عمله بأن يثني عليه ويزيد في تشريفه وتكريمه.
وقال القاضي عياض: معنى- صلى الله عليه- رحمه وضعّف أجره كقوله تعالى: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها [الأنعام ١٦٠] قال: وقد تكون الصلاة على وجهها وظاهرها