للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب السابع والسبعون في وفود فروة بن مسيك إليه صلّى الله عليه وسلم

قال ابن إسحاق، ومحمد بن عمر رحمهما الله تعالى: قدم فروة بن مسيك المراديّ رضي الله تعالى عنه وافدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم مفارقا لملوك كندة ومتابعا للنبي صلى الله عليه وسلم وقال في ذلك:

لما رأيت ملوك كندة أعرضت ... كالرّجل خان الرّجل عرق نسائها

قرّبت راحلتي أؤمّ محمّدا ... أرجو فواضلها وحسن ثرائها

ثم خرج حتى أتى المدينة، وكان رجلا له شرف، فأنزله سعد بن عبادة عليه ثم غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد فسلّم عليه

ثم قال: يا رسول الله أنا لمن ورائي من قومي. قال: «أين نزلت يا فروة؟» قال: على سعد بن عبادة.

وكان يحضر مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما جلس ويتعلّم القرآن وفرائض الإسلام وشرائعه.

وكان بين مراد وهمدان قبيل الإسلام وقعة أصابت فيها همدان من مراد ما أرادوا حتى أثخنوهم في يوم يقال له يوم الرّدم. وكان الذي قاد همدان إلى مراد الأجدع بن مالك في ذلك اليوم. قال ابن هشام: الذي قاد همدان في ذلك اليوم بن حريم الهمداني.

قال ابن إسحاق: فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا فروة، هل ساءك ما أصاب قومك يوم الردم؟» قال: يا رسول الله، من ذا يصيب قومه مثل ما أصاب قومي يوم الردم ولا يسوءه ذلك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما إن ذلك لم يزد قومك في الإسلام إلا خيرا» [ (١) ] .

وفي ذلك اليوم يقول فروة بن مسيك:

مررن على لفات وهنّ خوص ... ينازعن الأعنّة ينتحينا

فإن نغلب فغلّابون قدما ... وأن نغلب فغير مغلّبينا

وما إن طبّنا جبن ولكن ... منايانا ودولة آخرينا

كذاك الدّهر دولته سجال ... تكرّ صروفه حينا فحينا

فبينا ما نسرّ به ونرضى ... ولو لبست غضارته سنينا

إذا انقلبت به كرّات دهر ... فألفيت الألى غبطوا طحينا

فمن يغبط بريب الدّهر منهم ... يجد ريب الزمان له خؤونا

فلو خلد الملوك إذا خلدنا ... ولو بقي الكرام إذا بقينا


[ (١) ] انظر البداية والنهاية ٥/ ٧١.