فرضت أول ما فرضت أربعا إلا المغرب ففرضت ثلاثا والصبح ركعتين، وبه قال الحسن ونافع بن جبير بن مطعم وابن جرير.
ومنهم من ذهب إلى أنها فرضت في الحضر أربعا وفي السّفر ركعتين، يروى ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما، وذكر أدلّة هذه الأقوال والكلام عليها مذكور في المطولات.
وروى الشيخان وابن إسحاق عن عائشة رضي الله عنها، قالت:«افترضت الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما افترضت ركعتين ركعتين كل صلاة ثم إن الله أتمّها في الحضر أربعا وأقرّها في السفر على فرضها الأول ركعتين» .
[تنبيهات]
الأول: ذكر بعضهم أن المعروف في رواية المواقيت عند البيت- وروي عند باب البيت- وقد علمت أنها رواية الشافعي والطحاوي والبيهقي.
الثاني: المشهور في الأحاديث السابقة الابتداء بالظّهر. روى ابن أبي خيثمة في تاريخه عن أحمد بن محمد، حدثنا إبراهيم بن سعد عن أبي إسحاق عن عتبة بن مسلم عن نافع بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:«لما فرضت الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل فصلّى به الصبح حين طلع الفجر» ، وذكر الحديث. وكذا وقع في رواية الدارقطني وابن حبان في الضعفاء من طريق محبوب بن جهم، وهو ضعيف،
وفي رواية أبي هريرة عند النسائي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا جبريل جاءكم يعلّمكم دينكم» ،
فصلّى الصبح حين طلع الفجر.
الثالث: قال أبو عمر: لم أجد قوله «هذا وقتك ووقت الأنبياء قبلك» ، إلا في هذا الحديث، يعني رواية ابن عباس، قلت: قال القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله: ظاهره يوهم أن هذه الصلوات في هذه الأوقات مشروعة لمن قبله من الأنبياء، وليس كذلك، إنما معناه:
هذا وقتك المشروع لك، يعني الوقت الموسّع المحدود بطرفين: الأول والآخر، ووقت الأنبياء قبلك، يعني مثله وقت الأنبياء قبلك أي صلاتهم كانت واسعة الوقت وذات طرفين مثل هذا. وإلا فلم تكن هذه الصلوات على هذا الميقات إلا لهذه الأمة خاصّة وإن كان غيرهم قد يشاركهم في بعضها.
وقد روى أبو داود في حديث العشاء:«أعتموا بهذه الصلاة فإنكم قد فضلتم بها على سائر الأمم ولم تصلها أمة قبلكم وكذا قال أبو الفتح: «يريد بها التوسعة عليهم في أن للوقت أولا وآخرا إلا أن الأوقات هي أوقاتهم بعينها» .