[الباب الحادي والأربعون في وفود خثعم إليه صلى الله عليه وسلم]
وعن غيرهم من أهل العلم يزيد بعضهم على بعض، قالوا: وفد عثعث بن زحر، وأنس بن مدرك في رجال من خثعم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما هدم جرير بن عبد الله البجلي ذا الخلصة، وقتل من قتل من خثعم، فقالوا: آمنّا بالله ورسوله وما جاء [به] من عند الله فاكتب لنا كتابا نتّبع ما فيه.
قالوا: وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم لخثعم: «هذا كتاب من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لخثعم من حاضر بيشة وباديتها أن كلّ دم أصبتموه في الجاهلية فهو عنكم موضوع، ومن أسلم منكم طوعاً أو كرهاً في يده حرث من خبار أو عزاز تسقيه السّماء أو يرويه اللّثى فزكا عمارة في غير أزمة ولا حطمة، فله نشره وأكله، وعليهم في كلّ سيح العشر وفي كلّ غرب نصف العشر، شهد جرير بن عبد الله ومن حضر» .
[الباب الثاني والأربعون في وفود خولان إليه صلى الله عليه وسلم]
قالوا: قدم وفد خولان وهم عشرة نفر في شعبان سنة عشر، فقالوا: يا رسول الله نحن مؤمنون بالله ومصدّقون برسوله، ونحن على من وراءنا من قومنا، وقد ضربنا إليك آباط الإبل، وركبنا حزون الأرض وسهولها، والمنّة لله ولرسوله علينا، وقدمنا زائرين لك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إما ما ذكرتم من مسيركم إليّ فإنّ لكم بكلّ خطوة خطاها بعير أحدكم حسنة، وأمّا قولكم زائرين لك فإنه من زارني بالمدينة كان في جواري يوم القيامة» . فقالوا: يا رسول الله هذا السّفر الذي لا توى عليه. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما فعل عمّ أنس؟» وهو صنم خولان الذي كانوا يعبدونه. قالوا: بشرّ وعرّ، أبدلنا الله به ما جئت به، ولو قد رجعنا إليه لهدمناه، وبقيت منا بعد بقايا من شيخ كبير وعجوز كبيرة متمسكون به ولو قد قدمنا عليه هدمناه إن شاء الله تعالى فقد كنا منه في غرور وفتنة. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:«وما أعظم ما رأيتم من فتنته؟» قالوا: لقد رأيتنا وأسنتنا حتى أكلنا الرّمّة، فجمعنا ما قدرنا عليه وابتعنا مائة ثور ونحرناها لعمّ أنس قربانا في غداة واحدة، وتركناها تردها السّباع ونحن أحوج إليها من السّباع، فجاءنا الغيث من ساعتنا، ولقد رأينا العشب يواري الرجل،