للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من المهراس، فجاء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم- ليشرب منه، فوجد له ريحا، فعافه فلم يشرب منه، وغسل عن وجهه الدّم، وصبّ على رأسه

وهو يقول: «اشتد غضب الله على من أدمى وجه نبيه صلى الله عليه وسلم» .

وخرج محمد بن مسلمة يطلب من النّساء ماء فلم يجد عندهنّ ماء، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عطش عطشا شديدا، فذهب محمد إلى قناة حتى استقى، فأتى بماء عذب فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعا له بخير.

وروى الشيخان والبيهقي والطبرانيّ واللفظ له عن سهل بن سعد رضي الله عنه: أن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم جرح يوم أحد، وكسرت رباعيته، وهشّمت البيضة على رأسه، وانصرف المشركون، فخرج النساء إلى الصحابة، فكانت فاطمة فيمن خرج، فلما لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتنقته، وجعلت تغسل جراحته وعلي يسكب الماء بالمجنّ فتزايد الدّم، فلما رأت ذلك أخذت شيئا من حصير، فأحرقته بالنّار حتى صار رمادا، فأخذت ذلك الرّماد وكمّدته حتى لصق بالجرح، فاستمسك الدّم [ (١) ] .

وروى أبو سليمان الجوزجاني عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف رضي الله عنهما:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم داوى جرحه يوم أحد بعظم بال، قال في البداية: هذا حديث غريب.

ذكر إرادته صلّى الله عليه وسلم صعود صخرة في الشعب لينظر حال الناس

روى ابن إسحاق والإمام أحمد والترمذي، عن الزبير بن العوام رضي الله عنه، قال:

رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذهب لينهض إلى الصّخرة من الجبل ليعلوها وقد كان بدّن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظاهر بين درعين، فلما ذهب لينهض لم يستطع، فجلس تحته طلحة بن عبيد الله فنهض به حتى استوى عليها،

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أوجب طلحة حين صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم ما صنع» [ (٢) ] .

ذكر استنصاره صلى الله عليه وسلّم ربه تبارك وتعالى

قال ابن إسحاق وابن جريج فيما رواه ابن المنذر وابن جرير وابن أبي حاتم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو في الشعب مع أولئك النفر من أصحابه، إذ علت عالية من المشركين: خالد بن الوليد ونفر معه الجبل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم لا قوّة لنا إلا بك، وليس أحد يعبدك بهذه البلدة غير هؤلاء النّفر فلا تهلكهم، اللهمّ إنه لا ينبغي لهم أن يعلونا.


[ (١) ] أخرجه البخاري ٦/ ١١٣ (٢٩١١) ومسلم ٣/ ١٤١٦ (١٠١- ١٧٩٠) .
[ (٢) ] أخرجه الترمذي (٣٧٣٨) وأحمد في المسند ١/ ١٦٥ والبيهقي في السنن ٦/ ٣٧٠ والحاكم في المستدرك ٣/ ٢٥ وابن حبان (٢٢١٢) .