للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بصور أجسادها في علم الله تعالى، ويحتمل الأرواح بالأجساد ويؤيده حديث عبد الرحمن بن هاشم عن أنس رضي الله عنه عند البيهقي. وبعث الله له آدم فمن دونه من الأنبياء. وعند البزار والطبراني: «فنشر لي الأنبياء، من سمّى الله تعالى ومن لم يسمّ، فصلّيت بهم» .

[التنبيه العشرون:]

قول سيدنا إبراهيم صلى الله عليه وسلم: «وأعطاني ملكا عظيما» : قال ابن دحية: لا يعهد لإبراهيم ملك عرفي، فإما أن يراد بالملك الإضافة إليه نفسه وذلك لقهره لعظماء الملوك، وناهيك بالنمرود، وقد قهره الله تعالى لخليله وأعجزه عنه، وغاية الملك العظيم قهر الملك العظيم، فالقاهر أعظم من المقهور قطعا. ويحتمل أن يراد الإضافة إلى نبيّه وذريّته وذلك نحو ملك يوسف الصّدّيق صلى الله عليه وسلم وهلم جرّا كملك داود وسليمان والكل من ولد إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وفي التنزيل: فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً

[النساء: ٥٤] والإشارة هنا إلى ذرّيته. وإما أن يراد ملك النفس في مظنّة الاضطراب مثل ملكه لنفسه. وقد سأله جبريل فقال: ألك حاجة؟ فقال: أما إليك فلا.

[التنبيه الحادي والعشرون:]

اختلف في تقديم الآنية هل هو قبل العروج أو بعده؟

واختلف في عددها فأكثر الروايات أنه كان قبله. روى أحمد والشيخان والنسائي والترمذي من حديث أنس عن مالك بن صعصعة رضي الله تعالى عنه: «ثم رفع إلى البيت المعمور» ، إلى أن قال: «ثم أتيت بإناءين: أحدهما خمر والآخر لبن» ، وعند البخاري في الأشربة من طريق شعبة عن قتادة عن أنس مرفوعا: «رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا فيها أربعة أنهار» قال: «وأتيت بثلاثة أقداح» [ (١) ] . لم يذكر شعبة في الإسناد مالك بن صعصعة. وعند ابن عائذ من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه في حديث المعراج بعد ذكر رؤيته إبراهيم في السماء السابعة: «ثم انطلقنا فإذا نحن بثلاثة آنية مغطّاة» .

قال السهيلي وابن دحية وابن المنير وابن كثير والحافظ: «لعلّه قدّم مرّتين جمعا بين الروايات» . قال ابن كثير والحافظ: «وأما الاختلاف في عدد الآنية وما فيها فيحمل على أن بعض الرواة ذكر ما لم يذكر الآخر، ومجموعها أربعة آنية فيها تعرض الآنية مرّتين وأربعة أشياء من الأنهار الأربعة التي تخرج من أصل سدرة المنتهى» .

[التنبيه الثاني والعشرون:]

إذا قلنا بعرض الآنية مرتين ففائدة عرض الخمر [مع] إعراضه عنها في المرة الأولى وتصويب جبريل له، تكثير التصويب والتحذير. وهل كانت


[ (١) ] أخرجه البخاري ٧/ ١٩٨ كتاب الأشربة (٥٦١٠) أخرجه الحاكم في المستدرك ١/ ٨١ وذكره المتقي الهندي في الكنز (٣١٨٤٦) .