للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الرابع في آداب زيارته- صلّى الله عليه وسلم-

منها إخلاص النّية وخلوص الطّويّة، فإنما الأعمال بالنيات فينوي التقرّب إلى الله تعالى بزيارة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ويستحب أن ينوي مع ذلك التقرّب بالمسافرة إلى مسجده- صلى الله عليه وسلم- وشدّ الرّحل إليه والصلاة فيه كما قاله أصحابنا وغيرهم.

قال ابن الصلاح: ولا يلزم من هذا خلل في زيارته على ما لا يخفى، ونقل شيخ الحنفيّة الكمال بن الهمام عن مشايخهم: أنه ينوي مع زيارة القبر زيارة المسجد ثم قال: إن الأولى عندي تجريد النّيّة لزيارة قبره- صلى الله عليه وسلم- ثم إن حصل زيارة المسجد أو يستفتح فضل الله في مرّة أخرى ينويها فيها، لأن في ذلك زيادة تعظيمه وإجلاله- صلّى الله عليه وسلم- وليوافق

قوله- صلى الله عليه وسلم-: «لا تعمله حاجة إلا لزيارتي» .

قال السيد: وفيه نظر، لأنه- صلى الله عليه وسلم- حثّ أيضا على قصد مسجده ففي امتثاله تعظيمه أيضا

وقوله: «لا تعمله حاجة»

أي لم يحثّ الشّرع عليها، وقد لا يسمح الزمان بزيارة المسجد، فليغتنم قصد ذلك مع الزيارة بل ينوي أيضا الاعتكاف فيه ولو ساعة، وإن تعلم فيه خيرا أو يتعلمه وأن يذكر الله تعالى فيه، ويذكر به وإكثار الصّلاة والتّسليم على النبي- صلى الله عليه وسلم- وختم القرآن إن تيسر والصّدقة على جيرانه- صلى الله عليه وسلّم- وغير ذلك ما يستحب للزائر فعله فينوي التقرّب أولا ليثاب على القصد، فنية المؤمن خير من عمله، وينوي اجتناب المعاصي، والمكروهات حياءً من الله تعالى ورسوله- صلى الله عليه وسلم-.

[ومنها: أن يكون دائم الأشواق إلى زيارة الحبيب الشفيع كلفا بالوصول إلى ذلك الجناب الرفيع والشّوق إلى لقائه وطلب الوصول إلى مقامه من أظهر علامات الإيمان وأكبر بشائر الفوز يوم الفزع الأكبر بالأمن والإيمان وليزدد بالعزم شوقا وصبابة، وكلما ازداد دنوّا ازداد عزما وحنوّا] [ (١) ] .

ومنها: الإكثار في المسير من الصلاة والسلام على البشير النذير بل يستغرق أوقات فراغه في ذلك وغيره من القربات.

ومنها: إذا دنا من حرم المدينة وشاهد أعلامها وربابها وآكامها فليستحضر وظائف الخشوع والخضوع مستبشرا بالعناء وبلوغ المنال، وإن كان على دابّة حركها أو بعيرا وضعه تباشرا بالمدينة.


[ (١) ] ما بين المعكوفين سقط في ب.