للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الباب الثاني عشر في حج الملائكة وآدم والأنبياء وتعظيمهم للحرم]

[حج الملائكة]

روى الأزرقي عن عثمان بن ساج رحمه الله تعالى قال: أخبرني سعيد أن آدم لما فرغ من حجته لقيته الملائكة بالمأزمين فقالوا: «برّ حجك يا آدم فلقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام» .

المأزمين: تثنية مأزم بالهمز والزاي: المضيق في الجبال.

وروى الأزرقي عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- إن آدم صلى الله عليه وسلّم لما فرغ من حجه لقيته الملائكة بالردم فقالوا: برّ حجك يا آدم، إنا قد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام. قال:

فما كنتم تقولون حوله؟ فقالوا: كنا نقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.

فكان آدم إذا طاف قال هذه الكلمات.

الّردم بفتح الراء وسكون الدال المهملتين: موضع بمكة.

وروى الأزرقي عن عمرو بن يسار المكّي- رحمه الله تعالى- قال: بلغني أن الله تعالى إذا أراد أن يبعث ملكا من الملائكة لبعض أموره في الأرض استأذنه ذلك الملك في الطواف ببيته، فهبط الملك مهللاً.

وروى الأزرقي وابن المنذر والجندي عن وهب بن منبه رحمه الله تعالى قال: قرأت في كتاب من الكتب الأول ذكر فيه أمر الكعبة وإنه ليس من ملك بعثه الله تعالى إلى الأرض إلاّ أمره بزيارة البيت فينقضّ من عند العرش محرماً ملبّياً حتى يستلم الحجر، ثم يطوف سبعاً بالبيت ويصلي في جوفه ركعتين.

وروى الطبراني عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: أول من طاف بالبيت الملائكة.

وروى الأزرقي عنه إن جبريل عليه السلام وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلّم عصابة خضراء قد علاها الغبار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ما هذا الغبار الذي أرى عليك؟ قال: إني زرت البيت فازدحمت الملائكة على الركن فهذا الغبار الذي ترى مما تثير [ (١) ] بأجنحتها

[ (٢) ] .

فائدة: قول الملائكة: برّ حجّك. قال في النهاية: الحج المبرور الذي ليس له ثواب إلا الجنة هو الذي لا يخالطه شيء من الإثم. وقيل: هو المقبول المقابل بالبرّ وهو الثواب يقال برّ حجّة وبرّ حجّه، وبرّ الله حجّه وأبرّه برّاً بالكسر وإبرارا.


[ (١) ] في أ: تنثر.
[ (٢) ] ذكره السيوطي في الدر ١/ ١٣٢ وعزاه للأزرقي عن ابن عباس.