واستخلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على المدينة محمد بن مسلمة الأنصاري- رضي الله عنه- قال: وذكر الدّراورديّ: أنه استخلف عام تبوك سباع بن عرفطة، زاد محمد بن عمر- بعد حكاية ما تقدم- ويقال ابن أم مكتوم، وقال: والثابت عندنا محمد بن مسلمة، ولم يتخلف عنه في غزوة غيرها، وقيل: علي بن أبي طالب، قال أبو عمرو وتبعه ابن دحية: وهو الأثبت، قلت:
ورواه عبد الرزاق في المصنف بسند صحيح عن سعد بن أبي وقاص- رضي الله عنه- ولفظه:
أن رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- لما خرج إلى تبوك استخلف على المدينة علي بن أبي طالب، وذكر الحديث.
وأمر رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- كل بطن من الأنصار والقبائل من العرب أن يتخذوا لواء وراية، وأمر رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- جيشه من الاستكثار من النعال،
وقال «إن الرجل لا يزال راكبا ما دام منتعلا»
[ (١) ] وأمر أبا بكر- رضي الله عنه- أن يصلي بمن تقدمه- صلى الله عليه وسلّم-.
ذكر خروج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأين عسكر؟ وخروج عبد الله بن أبي معه مكرا ومكيدة، ورجوعه أخزاه الله تعالى
قالوا: خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- في رجب سنة تسع فعسكر- صلى الله عليه وسلّم- في ثنية الوداع ومعه زيادة على ثلاثين ألفا، قال ابن إسحاق، ومحمد بن عمر، وابن سعد، ورواه محمد بن عمر ونقله ابن الأمين عن زيد بن ثابت، وروى الحاكم في الإكليل عن معاذ بن جبل قال:
خرجنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى غزوة تبوك زيادة على ثلاثين ألفا، ونقل الحاكم في الإكليل عن أبي زرعة قال: كانوا بتبوك سبعين ألفا، وجمع بين الكلامين بأن من قال: ثلاثين ألفا لم يعدّ التابع. ومن قال سبعين ألفا عدّ التابع والمتبوع. وكانت الخيل عشرة آلاف فرس، وقيل بزيادة ألفين.
وروى عبد الرزاق وابن سعد عن كعب بن مالك- رضي الله عنه- قال: خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى تبوك يوم الخميس، وكانت آخر غزوة غزاها، وكان يستحب أن يخرج يوم الخميس، وعسكر عبد الله بن أبيّ معه على حدة، عسكره أسفل منه نحو ذباب، قال ابن إسحاق، ومحمد بن عمر، وابن سعد: وكان فيما يزعمون ليس بأقل العسكرين. قال ابن حزم:
وهذا باطل، لم يتخلف عن رسول الله- صلى الله عليه وسلّم- إلا ما بين السبعين إلى الثمانين فقط، فأقام ابن أبيّ ما أقام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فلما سار رسول الله- صلى الله عليه وسلم- نحو تبوك تخلف ابن أبيّ راجعا إلى المدينة فيمن تخلف من المنافقين، وقال: يغزو محمد بن الأصفر مع جهد الحال والحرّ
[ (١) ] أخرجه مسلم في كتاب اللباس (٦٦) .