وبأن الله تعالى فرض على العالم طاعته والتأسي به فرضا مطلقا لا شرط فيه ولا استثناء فقال جل اسمه: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر ٧] وقال:
مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ [النساء ٨٠] وقال تعالى: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب ٢١] واستثنى في التأسي بخليله، فقال: قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ إلى أن قال: إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ [الممتحنة ٤] الآية.
وبأنه تعالى وصفه في كتابه عضوا عضوا فقال في وجهه: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ [البقرة ١٤٤] وفي عينيه: وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ [طه ١٣١] وفي لسانه: فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ [الدخان ٥٨] وفي يده وعنقه: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ [الإسراء ٢٩] وفي صدره وظهره: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ [الشرح ١، ٢، ٣] وفي قلبه: نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ [البقرة ٩٧] وفي خلقه:
إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم ٤] .
[السابعة والتسعون.]
وبأنه صلى الله عليه وسلم فضل الله تبارك وتعالى مخاطبته من مخاطبة الأنبياء قبله تشريفا له وإجلالا وذلك أن الأمم كانوا يقولون لأنبيائهم: راعنا سمعك فنهى الله هذه الأمة إن يخاطبوا نبيهم بهذه المخاطبة فقال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا، وَقُولُوا: انْظُرْنا وَاسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ [البقرة ١٠٤] .
[الثامنة والتسعون.]
وبأنه تعالى لم يخاطبه في القرآن باسمه بل: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ بخلاف غيره من الأنبياء فلم ينادهم إلا بأسمائهم كما قال تعالى في حق غيره: يا آدَمُ، اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ [البقرة ٣٥] يا نُوحُ، إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ [هود ٤٦] أَنْ يا إِبْراهِيمُ، قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا [الصافات ١٠٥] يا لُوطُ، إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ [هود ٨١] يا داوُدُ، إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ [ص ٢٦] يا مُوسى، إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ [القصص ٣٠] يا زَكَرِيَّا، إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى [مريم ٧] يا يَحْيى، خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ [مريم ١٢] يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ [المائدة ١١٠] وجمع في الذكر بين اسمه واسم خليله إبراهيم فسمى الخليل، وكنى محمدا صلى الله عليه وسلم فقال: