الباب التاسع في فضل ما بين قبره ومنبره- صلى الله عليه وسلم-
روى الإمام أحمد والشيخان عن ابن عمر والإمام أحمد والبزار عن جابر بن عبد الله، والإمام أحمد- برجال الصحيح- والبخاري عن أبي هريرة والطبراني عن أبي سعيد الخدري، والبزار- برجال الصحيح- عن سعد بن أبي وقاص وعبد الله ابن الإمام أحمد عن عبد الله بن زيد المازنيّ أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «ما بين بيتي ومنبري» .
ولفظ ابن عمر «قبري ومنبري» روضة من رياض الجنّة، ومنبري على حوضي وإنّ منبري على ترعة من ترع الجنة.
وفي لفظ تجيء ترعة من ترع الجنة.
وروى الإمام أحمد- برجال الصحيح- عن سهل بن سعد- رضي الله تعالى عنه- قال: منبري هذا على ترعة من ترع الجنة.
[تنبيهات]
الأول: اختلف في معنى كون منبره على حوضه على ثلاثة أوجه.
الأول: قال الخطّابيّ: معنى
قوله «ومنبري على حوضي»
أي أن قصد منبره وحضوره عنده لملازمة الأعمال الصالحة يورد [لصاحبه إلى] الحوض ويوجب الشّرب منه.
الثاني: قال ابن النّجّار: المراد أن منبره الذي كان يقوم عليه- صلى الله عليه وسلم- يعيده الله كما يعيد سائر الخلائق ويكون على حوضه في ذلك اليوم.
قال أبو اليمن بن عساكر: وهو الأظهر، وعليه أكثر النّاس.
الثالث: قيل: إن المراد منبر يخلقه الله تعالى في ذلك اليوم ويجعله على حوضه.
قال السيد: ويظهر لي معنى رابع، وهو أن البقعة التي عليها المنبر تعاد بعينها في الجنّة، ويعاد منبره ذلك على هيئته، ليناسب ما في الجنّة، فيجعل المنبر عليها عند عقر الحوض وهو مؤخّره وعن ذلك غيّر ب «ترعة من ترع الجنة» وذكر ذلك- صلى الله عليه وسلم- لأمته للتّرغيب للعمل بهذا المحلّ الشّريف ليقضي بصاحبه إلى ذلك، وهذا في الحقيقة جمع بين القولين الأوّلين.
الثاني: اختلفوا أيضا في معنى ما جاء في الروضة الشريفة.
قال الحافظ: ومحصّل ما أول العلماء به ذلك أن تلك البقعة كروضة من رياض الجنة