للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الثاني عشر في صفة دخوله بيته وخروجه منه ومخالطته الناس وحديث أصحابه بين يديه واستماعه لهم وحديثه معهم وسمره- صلى اللَّه عليه وسلم-

وفيه أنواع:

الأول: في سيرته صلّى اللَّه عليه وسلم وسلم- في دخوله بيته وخروجه منه.

روى الترمذي والبيهقي عن الحسن بن علي- رضي اللَّه تعالى عنهما- قال: سألت أبي عن مدخل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: كان مدخله لنفسه مأذونا له في ذلك، فكان إذا أوى إلى منزله جزّأ دخوله ثلاثة أجزاء، جزءا للَّه تعالى، وجزءا لأهله، وجزءا لنفسه ثم جزّأ جزأه بينه وبين الناس، فيرد ذلك على العامّة والخاصّة، ولا يدّخر عنهم شيئا، وكان من سيرته صلّى اللَّه عليه وسلم في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه، وقسمه على قدر فضلهم في الدين فمنهم ذو الحاجة، ومنهم ذو الحاجتين ومنهم ذو الحوائج فيتشاغل بهم، ويشغلهم فيما يصلحهم والأمة من مساءلتهم عنه وإخبارهم بالذي ينبغي لهم، ويقول: ليبلّغ الشّاهد منكم الغائب وبلّغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغي عن حاجته وفي لفظ «إبلاغها» «فإن من بلّغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها إياه ثبّت اللَّه تعالى قدميه يوم القيامة» لا يذكر عنده إلا ذلك، ولا يقبل من أحد غيره، يدخلون عليه روّادا ولا يتفرقون إلا عن ذواق، ويخرجون أدلة يعني على الخير وفي لفظ يعني فقها.

وقوله: «فيرد ذلك على العامة والخاصة أراد أن العامة كانت لا تصل إليه في هذا الوقت، وكانت الخاصة غير العامة بما سمعت منه فكأنه أوصل الفوائد إلى العامّة بالخاصّة.

وقيل: إن الباء في «بالخاصّة» بمعنى من أي: فجعل وقت الخاصة بعد وقت العامة، وبدلا منهم.

والروّاد: جمع رائد، وهو الذي يتقدم القوم يكشف لهم حال الماء والمرعى قبل وصولهم له.

ويخرجون أدلة أي: يدلون الناس بما قد علموه منه وعرفوه، يريد أنهم يخرجون من عنده فقهاء.

ومن قال: «أذلّة» بذال معجمة جمع ذليل أي: يخرجون من عنده متواضعين.

وقوله: «ولا يتفرّقون من عنده إلا عن ذواق» ضرب الذّواق مثالا لما ينالون عنده من