للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تنبيهات]

الأول: العين نظر باستحسان مشوب، تحل من خبيث الطّبع يحصل للمنظور منه ضرر.

قال بعضهم: وإنما يحصل ذلك من سم يصل من عين العائن في الهوى إلى بدن المعيون، ونظير ذلك الحائض تضع يديها في إناء اللبن فيفسد، ولو وضعتها بعد طهرها لم يفسد، وأن الصحيح ينظر في عين الأرمد فيرمد، وينشاب أحد بحضرته فينشاب هو.

الثاني:

قوله- صلى الله عليه وسلم- العين حقّ

أي: الإصابة بها شيء ثابت موجود، قال الإمام المازري: أخذ بظاهر الحديث الجمهور، وأنكره طوائف من المبتدعة لغير معنى، لأن الشارع أخبر بوقوعه.

الثالث: استشكل بعض الناس هذه الإصابة فقال: كيف تعمل العين من بعد حتى يحصل الضرر للمعيون؟

وأجيب بأن طبائع الناس تختلف، فقد يكون ذلك من سم يصل من عين العائن في الهوى إلى بدن المعيون، وقد نقل عن بعض من كان معيانا أنه قال: إذا رأيت شيئا يعجبني وجدت حرارة تخرج من عيني، ومن ذلك الحائض إذا وضعت يدها في إناء اللبن أفسدته، ولو وضعتها بعد طهرها لم تفسد.

الرابع: قال الإمام المازري: الذي يتمشى على طريقة أهل السنة أن العين إنما تصدر عن نظر العائن بعادة أجراها الله تعالى أن يحدث الضرر عند مقابلة شخص آخر، خلافا لبعض الأطباء، يعني القائل بأن العائن يبعث من عينه قوة سميّة تتصل بالمعيون فيهلك أو يفسد، وهو كإصابة السم وقد أجرى الله تعالى العادة بحصول الضرر عندها خلافا للفلاسفة وقد أجرى الله تعالى العادة بوجود كثير من القوى والخواص في الأجسام والأرواح، كما يحدث لمن ينظر إليه من يحتسمه من الخجل فيرى في وجهه حمرة شديدة لم تكن قبل ذلك، وكذا الاصفرار عند رؤية من يخافه وكثير من الناس يسقم لمجرد النظر إليه، ويضعف قواه، وكل ذلك بواسطة ما خلق الله تعالى في الأرواح من التأثيرات أشد ارتباطا بالعين وليست هي المؤثرة، وإنما التأثير للروح، والأرواح مختلفة في طبائعها وكيفياتها الخبيثة وخواصها، فمنها ما يؤثر في البدن بمجرد الرؤية لخبث تلك الروح وكيفيتها الخبيثة.

والحاصل أن التأثير بإرادة الله تعالى، وخلقه ليس مقصورا على الاتصال الجسماني، بل تارة يكون به وتارة يكون بالمعاينة، وأخرى بمجرد الرؤية، وأخرى بتوجيه الروح.

الخامس: قال ابن القيم: والمقصود العلاج النبوي لهذه العلة، فمن التعوّذات والرقى الإكثار من قراءة المعوّذتين والفاتحة وآية الكرسي.